أن القرآن مبين للقرآن، وأن الأمر بالنكاح المطلق مخصوص بالمحرمات المذكورة في قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ} النساء:٢٣ الآيات، وهذا أمر واضح وصريح.
قال الزركشي: (قوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} النساء:٣ الآية، وهذا عام في ذوات المحارم والأجنبيات، ثم خُص بقوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} النساء:٢٣ الآية) (١).
وأحل الله ما وراء ذلك بنص القرآن.
قال الشنقيطي: (ثم بين أن غير تلك المحرمات حلال بالنكاح بقوله: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} النساء:٢٤) (٢).
المسألة الثانية:
أن العموم في قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} النساء:٢٤، مخصوص باستثناء السنة الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها (٣)، وهذا قول عموم العلماء إلا من شذ.
قال ابن الجوزي: ({وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} النساء:٢٤، أي: ما بعد هذه الأشياء إلا أن السنة قد حرمت تزويج المرأة على عمتها وتزويجها على خالتها) (٤).
(١) البرهان ٢/ ٢٢٣.
(٢) أضواء البيان ١/ ١٩٩.
(٣) ومما لم يذكره ابن عقيل: أن السنة كذلك دلت على تحريم الجمع بين أكثر من أربع نسوة، كما جاء ذلك في حديث غيلان أنه أسلم وعنده أكثر من أربع نسوة فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يأخذ منهن أربعاً ويفارق سائرهن، أخرجه الترمذي في باب النكاح باب ما جاء في الرجل يسلم وعنده عشر نسوة (١١٢٨)، وابن ماجة في كتاب النكاح باب الرجل يسلم وعنده أكثر من أربع نسوة (١٩٥٣)، وصححه ابن حبان ٩/ ٤٦٣، (٤١٥٦)، وينظر: تلخيص الحبير ٣/ ١٦٨.
(٤) زاد المسير ٢/ ٥١، وينظر: تفسير السمرقندي ١/ ٣١٩.