المسألة الأولى: أن ذكر الحكم في أعلى الحالتين للأمَةِ مُنَبِّهٌ إلى أن أدناهما من باب أولى (١)، وهذا ما يسمى بالقياس الواضح.
المسألة الثانية: أنه لما ذكر نصف عذاب المحصنة على الأمة اتضح لنا أن العلة في التنصيف الرق، إذ لا فرق بينهما إلا بالرق.
المسألة الثالثة: إلحاق العبد بالأمة في نقصان الحد، وهذا هو قول الجمهور، بل عده بعضهم إجماعاً، ولم يعتد بخلاف من خالف.
قال الجصاص بعد ذكر هذه الآية: (ولم يذكر العبد، واتفقت الأُمَّة على أن العبد يجلد خمسين، فخصصنا الآية بالإجماع) (٢). أي آية: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} النور:٢.
وقال أيضاً: ({فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} النساء:٢٥؛ فنص على حد الأمة وأنه نصف حد الحرة، واتفق الجميع على أن العبد بمنزلتها لوجود الرق فيه) (٣).
وقال الشنقيطي ضمن ذكر أمثلة للقياس المجمع عليه: (وكذلك قوله تعالى في الإماء: ... {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} النساء:٢٥ فدخل في ذلك العبد قياساً عند الجمهور إلا من شذ ممن لا يكاد يعد قوله خلافاً) (٤).
(١) سبقت الإشارة إلى هذه المسألة عند قوله جل وعلا: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ} آل عمران:٧٥ ينظر: ص ١٥٦.
(٢) الفصول في الأصول ١/ ١٤٦.
(٣) أحكام القرآن ٣/ ٣٥٠.
(٤) أضواء البيان ٣/ ١٣٢، وكأنه يشير إلى من لا يرى القياس كابن حزم فقد منع قياس العبيد على الإماء في هذه الآية، ينظر: المحلى ١٣/ ٣٨.