وقد أجمعت الأمة على تحريم الخمر (١).
المسألة الثالثة:
أنه يجب الحد على من شرب الخمر.
أما حد شارب الخمر فقد ثبت في السنة بأحاديث كثيرة، منها ما روي عن أنس - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتي برجل قد شرب الخمر " فجلده بجريدتين نحو أربعين ". قال: وفعله أبو بكر، فلما كان عمر استشار الناس، فقال عبد الرحمن: أخف الحدود ثمانون، فأمر به عمر (٢).
وعن السائب بن يزيد - رضي الله عنه - قال: " كنا نؤتى بالشارب على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإمرة أبي بكر وصدراً من خلافة عمر فنقوم إليه بأيدينا ونعالنا وأرديتنا حتى كان آخر إمرة عمر فجلد أربعين حتى إذا عتوا وفسقوا جلد ثمانين " (٣).
وقد أجمع الصحابة ومن بعدهم على جلد شارب الخمر، ثم اختلفوا في مقداره ما بين أربعين أو ثمانين، والجمهور على القول بالثمانين (٤).
المسألة الرابعة:
أن الخمر ما غطى العقل، وهذا هو الأصل في معناها بدليل أن كل الاشتقاقات تعود إلى التغطية.
قال ابن فارس: (الخاء والميم والراء أصل واحد يدل على التغطية، والمخالطة في ستر) (٥).
(١) ينظر: الإجماع لابن المنذر ص ٩٩، التمهيد ١٥/ ١٠، الحاوي ١٣/ ٣٧٦، بداية المجتهد ص ٧٥٥، المغني ١٢/ ٤٩٣.
(٢) أخرجه مسلم في كتاب الحدود باب حد الخمر (١٧٠٦).
(٣) أخرجه البخاري في كتاب الحدود باب الضرب بالجريد والنعال (٦٧٧٩).
(٤) ينظر: التمهيد ٢٣/ ٤١١، بدائع الصنائع ٩/ ٢١٣، الحاوي ١٣/ ٤١٢، بداية المجتهد ص ٧٥٥، المغني ١٢/ ٤٩٧.
(٥) معجم مقاييس اللغة ٢/ ٢١٥.