٥٧/ ٢ - قال ابن عقيل: ({مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} الأعراف:١٢، فأثبت أمره له بالسجود، ولم يقع منه السجود، وقد أجمع المسلمون على أنه عالم بامتناعه قبل وقوع الامتناع منه اهـ) (١).
الدراسة:
استدل ابن عقيل بهذه الآية على أنه يجوز أن يأمر الله سبحانه بما يعلم أن المأمور لا يفعله، وهو استدلال صحيح، وقد نص على هذه المسألة الإمام أحمد بقوله: (علم الله أن آدم سيأكل من الشجرة التي نهاه عنها قبل أن يخلقه) (٢).
وقالت المعتزلة: لا يجوز (٣).
واحتجوا بأنه لا يصح أن يَأْمر الله المكلف بما يعلم أنه لا يفعله؛ لأنه عبث، والله منزه عن العبث في قوله وفعله.
قال ابن عقيل: (والجواب: أن هذا كلام يرده النص، ولا عبرة بما استدلوا به مع كون الإجماع انعقد على خلافه، ونص الكتاب قضى بإبطاله، على أنه فاسد في نفسه لو ورد مع عدم الإجماع والنص، وهو أن الله خلق من في معلومه أنه لا ينتفع بخلقه ولا يطيعه في أمره، فلا يستحق الثواب، بل لا يسعى إلا فيما يوجب عليه العقاب ولم يك في خلقه عابثاً، كذلك أمره لا يكون به عابثاً) (٤).
وكذلك أمر الله إبراهيم بذبح ولده وعلم أنه لا يذبحه، وليس هذا عبثاً؛ لأن فيه إظهار أمر الله، وإظهار صدق امتثال العبد لأمر الله، وفيه إقرار المأمور بوجوب طاعة الله في أوامره، وفيه إشارة إلى أن الله سيجازيه بالثواب إذا أداه (٥)، ولا يقاس أمر الله تعالى بأمر المخلوقين، وليس كل ما كان قبيحاً من العبد يكون قبيحاً من الرب، فإن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله (٦).
(١) الواضح ٣/ ١٨٨.
(٢) العدة ٢/ ٣٩٥.
(٣) ينظر: المعتمد ١/ ١٦٦.
(٤) الواضح ٣/ ١٨٨.
(٥) ينظر: العدة ٢/ ٣٩٦.
(٦) ينظر: منهاج السنة ٣/ ١٥١.