٣ - أن الكلام فيه جملتان، حُذف خبر أحدهما لدلالة الثاني عليه (١)، والتقدير: والله أحق أن يرضوه، ورسوله أحق أن يرضوه.
قال ابن عاشور: (وإنما أفرد الضمير في قوله: {يُرْضُوهُ} التوبة:٦٢ مع أن المعاد اثنان؛ لأنه أريد عود الضمير إلى أول الاسمين، واعتبار العطف من عطف الجمل بتقدير: والله أحق أن يرضوه ورسوله كذلك ... ) إلى أن قال: (ومن نكتة ذلك الإشارة إلى التفرقة بين الإرضاءين) (٢).
٤ - ما ذكره ابن عقيل، وهو أن هاء الكناية في التثنية والجمع أبلغ من الجمع بالواو.
وكل ما ذكر من التوجيهات له حظ من النظر، وهذا من إعجاز القرآن.
قال الرازي: (وأما قوله {يُرْضُوهُ} التوبة:٦٢ بعد تقدم ذكر الله وذكر الرسول، ففيه وجوه:
الأول: أنه تعالى لا يُذكر مع غيره بالذكر المجمل بل يجب أن يفرد بالذكر تعظيما له.
والثاني: أن المقصود بجميع الطاعات والعبادات هو الله فاقتصر على ذكره ...
الثالث: يجوز أن يكون المراد يرضوهما فاكتفى بذكر الواحد كقوله:
نَحْنُ بِمَا عِنْدَنَا وَأنْتَ بِمَا ... عِنْدَكَ رَاضٍ وَالرَّأْيُ مُخْتَلِفُ (٣)
والرابع: أن العالم بالأسرار والضمائر هو الله تعالى، وإخلاص القلب لا يعلمه إلا الله، فلهذا السبب خص تعالى نفسه بالذكر.
(١) ينظر: معاني القرآن وإعرابه ٢/ ٤٥٨، معاني القرآن للنحاس ٣/ ٢٢٨، تفسير السمرقندي ٢/ ٦٩، المحرر الوجيز ٣/ ٥٣، الجامع لأحكام القرآن ٨/ ١٩٣.
(٢) التحرير والتنوير ١٠/ ٢٤٥.
(٣) اختُلف في نسبة هذا البيت، والصحيح أنه لعمرو بن امرئ القيس كما نص على ذلك أكثر العلماء، ومنهم البغدادي في: خزانة الأدب ٢/ ١٩٠، وابن منظور في لسان العرب ٥/ ٤٦، ونُسب هذا البيت إلى قيس بن الخَطِيم، ينظر: الكتاب لسيبويه ١/ ٧٥، شرح ابن عقيل ١/ ١٩١، ولم أجده في ديوانه، ولكنه في ملحقاته تحقيق: د. ناصر الدين الأسد ص ١٧٣.