قال تعالى: {فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (٧٦)} يوسف:٧٦.
٧٧/ ٢ - قال ابن عقيل: ({كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ}، أردنا به وله اهـ) (١).
الدراسة:
أشير في البداية إلى المعنى اللغوي للكيد فأقول:
قال ابن فارس: (الكاف والياء والدال أصل صحيح يدل على معالجةٍ لشيء بشدة، ثم يتسع الباب، وكله راجع إلى هذا الأصل) (٢).
وقال ابن منظور: (والكيد: الاحتيال والاجتهاد، وبه سميت الحرب كيداً) (٣).
وقال البغوي: (الكيد: إرادة مضرة الغير الخفية، وهو من الخلق الحيلة السيئة، ومن الله التدبير بالحق لمجازاة أعمال الخلق) (٤).
فالكيد يطلق على المكر والحيلة (٥)، كما قال تعالى: {فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا} يوسف:٥، وقال سبحانه: {فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى (٦٠)} طه:٦٠.
قال الراغب: (الكيد: ضرب من الاحتيال، وقد يكون مذموماً وممدوحاً، وإن كان يستعمل في المذموم أكثر، وكذلك الاستدراج والمكر، ويكون بعض ذلك محموداً) (٦).
وقد فسر السلف الكيد في الآية بالكيد المحمود، وهو ما كان في مقابلة الفاعل بمثل فعله أو أشد، وهنا يكون صفة كمال تليق بالله سبحانه.
(١) الفنون ٢/ ٦٥٩.
(٢) معجم مقاييس اللغة ٥/ ١٤٩.
(٣) لسان العرب ٣/ ٣٨٣.
(٤) معالم التنزيل ٢/ ٣٧٠، وينظر: التعريفات ص ٢٤١.
(٥) ينظر: بصائر ذوي التمييز ٤/ ٣٩٩.
(٦) المفردات ص ٤٩٥.