ومما يؤيد جواز كل المعاني: أن كلاً من الباء و من و عن تأتي بمعنى التعليل، فبينها معنى مشترك، ومن أمثلة ذلك:
قوله تعالى: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا} نوح:٢٥، أي: بسببها.
وقال تعالى: {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ} العنكبوت:٤٠، أي: بسببه.
وقال تعالى: {وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ} هود:٥٣، أي بسببه (١).
فلو جعل معنى الآية التي معنا إجمالاً: يحفظونه بسبب أمر الله، لكان ذلك صواباً.
ومن المعاني التي ذكرها الزمخشري في الآية قوله: (يحفظونه من أجل أمر الله) (٢).
وذكر ابن الجوزي من المعاني: (يحفظونه لأمر الله فيه حتى يسلموه إلى ما قدر له) (٣).
وبهذا تجتمع الأقوال. والله تعالى أعلم.
قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (٢٥)} الرعد:٢٥.
٨٢/ ٢ - قال ابن عقيل في قوله تعالى: ({لَهُمُ اللَّعْنَةُ} الرعد:٢٥: بمعنى عليهم اللعنة اهـ) (٤).
الدراسة:
فسر ابن عقيل اللام بـعلى، وهذا هو ما قال به جمع من العلماء (٥).
(١) ينظر: مغني اللبيب ص ١١١، ١٥٥، ٣١٤.
(٢) الكشاف ٢/ ٤٨٧، وينظر: تفسير البيضاوي ٣/ ٣٢١، فتح القدير ٣/ ٨٥.
(٣) زاد المسير ٤/ ٢٣٩.
(٤) الواضح ١/ ١٢٠.
(٥) ينظر: تأويل مشكل القرآن ص ٢٩٩، الجنى الداني في حروف المعاني ص ١٠٠.