وكل هذه الأنواع وضع للشيء في غير موضعه، ومن حصل منه أي نوع منها فقد نقص في حق هذا الشيء، فترجع جميعاً إلى النقص، ومعنى {تَظْلِمْ} في الآية التي معنا أقرب إلى النقص ليناسب سياق الكلام، فهو الأولى في تفسيرها، وهو الذي وجدت اتفاق المفسرين عليه عند هذه الآية. والله أعلم.
قال تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (٥٠)} الكهف: ٥٠ الكهف:٥٠.
٩٥/ ٣ - قال ابن عقيل: ({فَفَسَقَ عَنْ أَمْرٍ رَبِّهِ} الكهف:٥٠ يعني: خرج؛ فهذا حد الفسق أصلاً في اللغة اهـ) (١).
الدراسة:
أبان ابن عقيل حد الفسق لغة: بأنه الخروج، وهذا هو تعريف أهل اللغة والتفسير.
قال الفراء: ({فَفَسَقَ عَنْ أَمْرٍ رَبِّهِ} الكهف:٥٠، أي: خرج عن طاعة ربه، والعرب تقول: فسقت الرطبة من جلدها وقشرها لخروجها منه، وكأن الفأرة إنما سميت: فويسقة لخروجها من جحرها على الناس) (٢).
وقال ابن فارس: (الفاء والسين والقاف كلمة واحدة، وهي الفسق، وهو الخروج عن الطاعة) (٣).
قال الطبري: ({فَفَسَقَ عَنْ أَمْرٍ رَبِّهِ} الكهف:٥٠، يعني به: خرج عن طاعته واتباع أمره) (٤).
فيشمل كل معصية صغرت أو كبرت، وهو أعم من الكفر.
(١) الواضح ١/ ١٤٨.
(٢) معاني القرآن ٢/ ١٤٧، وينظر: جامع البيان ١/ ٤٣٤، لسان العرب ١٠/ ٣٠٨.
(٣) معجم مقاييس اللغة ٤/ ٥٠٢، وينظر: الصحاح ٤/ ١٢٧٠.
(٤) جامع البيان ١/ ٤٣٤، وينظر: تفسير السمرقندي ١/ ٦٤، تفسير ابن كثير ٥/ ٢١٧١.