قال القرطبي: ({اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ} الممتحنة:١٠ أي: هذا الامتحان لكم، والله أعلم بإيمانهن؛ لأنه متولي السرائر) (١).
ومن الأدلة على هذا أيضاً قوله تعالى: {وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا} يوسف:٨١.
قال الجصاص في تفسيرها: (يعني: من الأمر الظاهر لا من الحقيقة، وهذا يدل على جواز إطلاق اسم العلم من طريق الظاهر وإن لم يعلم حقيقة وهو كقوله: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ ... } الممتحنة:١٠ ومعلوم أنا لا نحيط بضمائرهن علماً وإنما هو على ما يظهر من إيمانهن) (٢).
وقال الرازي: (إن الظن قد يسمى بالعلم، والدليل عليه قوله تعالى: {إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} الممتحنة:١٠، ومن المعلوم أنه إنما يمكن العلم بإيمانهن بناء على إقرارهن، وذلك لا يفيد إلا الظن، فههنا الله تعالى سمى الظن علماً) (٣).
فإن قيل: ما الفائدة من استعمال العلم مكان الظن؟.
فيجاب بما قال الرازي: (نقول إنه من باب أن الظن الغالب، وما يفضي إليه الاجتهاد والقياس جار مجرى العلم) (٤).
وقال البيضاوي: ({فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} الممتحنة:١٠: العلم الذي يمكنكم تحصيله، وهو الظن الغالب بالحلف وظهور الأمارات، وإنما سماه علماً إيذاناً بأنه كالعلم في وجوب العمل به) (٥).
(١) الجامع لأحكام القرآن ١٨/ ٦٣.
(٢) أحكام القرآن ٣/ ٢٢٦، وينظر ٣/ ٥٨٤.
(٣) التفسير الكبير ٢٠/ ١٦٧.
(٤) التفسير الكبير ٢٩/ ٢٦٥، تفسير النسفي ٤/ ٢٤٩.
(٥) تفسير البيضاوي ٥/ ٣٢٩.