قال الطبري: (وقوله: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} الطلاق:٦ يقول تعالى ذكره: وإن كان نساؤكم المطلقات أولات حمل، وكن بائنات منكم، فأنفقوا عليهن في عدتهن منكم حتى يضعن حملهن، وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل) (١).
وقال السمرقندي: (وقد أجمعوا أن المطلقة إذا كانت حاملا فلها النفقة) (٢).
وقال ابن قدامة في البائن الحامل: (فلها النفقة والسكنى بإجماع أهل العلم) (٣).
وقال القرطبي: (أجمع أهل العلم على أن نفقة المطلقة ثلاثاً أو مطلقة للزوج عليها رجعة وهي حامل واجبة لقوله تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} الطلاق:٦) (٤).
ودليله قوله تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} الطلاق:٦، وفي بعض أخبار فاطمة بنت قيس: " ما لك نفقة إلا أن تكوني حاملاً " (٥).
ولأن الحمل ولده، فيلزمه الإنفاق عليه، ولا يمكنه النفقة عليه إلا بالإنفاق عليها فوجب كما وجبت أجرة الرضاع (٦).
والخلاف إنما هو في النفقة على البائن غير الحامل، وهو مبسوط في كتب الفقه وغيرها (٧)، والراجح أنه لا نفقة لها ولا سكنى؛ لدلالة الآية السابقة والحديث، ولا معارض لهما. والله أعلم.
(١) جامع البيان ٢٣/ ٦٢.
(٢) تفسير السمرقندي ٣/ ٤٤٠.
(٣) المغني ١١/ ٤٠٢، وينظر: الحاوي ١١/ ٤٦٥.
(٤) الجامع لأحكام القرآن ٣/ ١٨٥، ١٨/ ١٦٦.
(٥) هذا اللفظ أخرجه مسلم في كتاب الطلاق باب المطلقة ثلاثاً لا نفقة لها (١٤٨٠).
(٦) ينظر: المغني ١١/ ٤٠٢.
(٧) ينظر: المدونة ٢/ ٤٨، أحكام القرآن للجصاص ٣/ ٦١٤، معالم التنزيل ٤/ ٣٣٠، أحكام القرآن لابن العربي ٤/ ٢٨٧، المغني ١١/ ٤٠٢، الحاوي الكبير ١١/ ٤٦٥.