الخاتمة
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة السلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلقد عشت مع هذا البحث سنوات أقلب فيها كتب ابن عقيل الحنبلي أستخرج تفسيره المتفرق، وأدرسه وأقارنه بتفسير السابقين له واللاحقين، فزادت معرفتي لسعة علمه ورسوخ قدمه بصورة أكبر ووضوح أكثر، وظهر لي عدة نتائج، أبرزها ما يلي:
• أن الإمام ابن عقيل برع في عدة فنون، ومنها: التفسير.
• أن ابن عقيل ممن بلغ رتبة الاجتهاد والاستنباط، وجمع في تفسيره بين الرواية والدراية، واهتم بتقديم الأثر على النظر.
• امتازت عبارات ابن عقيل بالدقة والاختصار، وقوة الأسلوب.
• أكثر الآيات التي فسرها ابن عقيل كانت في كتابه: الواضح في أصول الفقه.
• امتاز ابن عقيل بالترجيح بين الأقوال، ونقل الإجماع في بعض المسائل.
• اهتم أيضاً بإزالة ما يشكل على السامع، ودفع ما يوهم التعارض في آيات الكتاب العزيز.
• أن الآيات التي وقفت على تفسيرها لابن عقيل بلغت: ١٥٠ آية.
• أن ابن عقيل وإن كان وقع في بعض المشتبهات إلا أنه رجع للحق وأعلن ذلك صريحاً على الملأ، وهذه من المحامد التي تعد له رحمه الله.
• أن العلماء الكبار أكثَروا من الثناء عليه، ومن قرأ كتبه تبين له أنه أهل لذلك.
• أن ابن عقيل تميز بالصبر والجلد على طلب العلم وبذله، ومما يدل على ذلك: استغلاله لوقته، وكثرة مشايخه وتلامذته ومصنفاته.
• خلف ابن عقيل علماً غزيراً استفاد منه من جاء بعده، وعلى وجه الخصوص علم التفسير، وممن لمست استفادته منه: ابن العربي، وابن الجوزي، والفخر الرازي، والقرطبي، وابن مفلح، وابن رجب، وغيرهم.
• اهتم ابن عقيل بأغلب علوم القرآن، ومن ذلك: الناسخ والمنسوخ، والمحكم والمتشابه، وأسباب النزول، والعام والخاص، والمطلق والمقيد.
المقترحات والتوصيات:
من خلال قراءتي لكتب ابن عقيل، وعلى وجه الخصوص كتابه: الواضح في أصول الفقه، تبين لي أن ابن عقيل بحث مسائل أصول الفقه وأطال فيها، وأكثرُ هذه المسائل لها صلة بعلوم القرآن، كالنسخ، والعموم والخصوص، والإطلاق والتقييد، ومعاني الحروف والألفاظ، وكيفية الاستدلال والترجيح، والاستثناء، ونحوها، مما يدل على أن لابن عقيل باعاً كبيراً في مثل هذه العلوم.
لذا فإني أقترح توجيه الجهد إلى دراسة منهج ابن عقيل في علوم القرآن، على أني أرى لمن أراد الخوض في غمار هذا البحر أن يتوفر فيه القدرة العلمية على فهم كلام أهل الأصول والكلام، والدراية بعباراتهم وأساليبهم.
وفي الختام أكرر حمدي وشكري لله تعالى على ما يسر وأعان على إتمام هذا البحث وأنا في أتم الصحة العافية، كما أكرر شكري لمشرفيّ الأفاضل، ولكل من أفادني وكان سبباً في تيسير بحثي، كما أعترف أن هذا جهد بشري، وهو عرضة للنقص والخطأ، والكمال لله وحده، ولكن حسبي أني بذلت الوسع في إعطاء البحث حقه من الاهتمام والجدية.
أسأل الله العلي القدير أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، مكتوباً له القبول في الدنيا والآخرة، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.