قال ابن رجب: (وكان ابن عقيل كثير التعظيم للإمام أحمد وأصحابه، والرد على مخالفيهم) (١).
وقال ابن عقيل لما اتُّهِم الحنابلة بالتجسيم: (ينبغي لهؤلاء الجماعة أن يسألوا عن صاحبنا؟ فإذا أجمعوا على حفظه لأخبار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأفعاله، إلا ما كان للرأي فيه مدخل من الحوادث الفقهية، فنحن على مذهب ذلك الرجل الذي أجمعوا على تعديله، على أنهم على مذهب قوم أجمعنا على سلامتهم من البدعة، فإن وافقوا على أننا على مذهبه فقد أجمعوا على سلامتنا معه؛ لأن متبع السليم سليم) (٢).
بل إن ابن عقيل من كبار أئمة الحنابلة وأقواله وترجيحاته معتبرة في المذهب الحنبلي.
ومع قوة حب ابن عقيل لمذهبه، وتعظيمه لإمامه وأصحابه، إلا أنه يتكلم كثيراً بلسان الاجتهاد والترجيح واتباع الدليل الذي يظهر له، ويقول: (الواجب اتباع الدليل لا اتباع أحمد) (٣). ويقول ابن رجب: (وله مسائل كثيرة ينفرد بها، ويخالف فيها المذهب) (٤).
وقال ابن عقيل: (إنما المذهب ما نصره دليله) (٥).
المطلب الثاني نقله للإجماع
الإجماع: هو اتفاق علماء العصر من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - على أمر من أمور الدين (٦).
ولا ريب أن نقل الإجماع لا يكون إلا ممن تضلع في العلم واستقرأ وتتبع أقوال العلماء، وقد كان لابن عقيل نصيب من هذا النقل، ومن الأمثلة على هذا ما يلي:
- قوله تعالى: {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (١٢)} الأعراف:١٢.
(١) ذيل طبقات الحنابلة ١/ ١٥٦.
(٢) ذيل طبقات الحنابلة ١/ ١٥٠.
(٣) ذيل طبقات الحنابلة ١/ ١٥٧.
(٤) ينظر: ذيل طبقات الحنابلة ١/ ١٥٧، فقد ذكر عدداً من المسائل التي تفرد بها.
(٥) الفنون ١/ ٢٣٧.
(٦) ينظر: روضة الناظر ١/ ٣٣١.