وكل الأقوال صحيحة في هذه الكلمة إذ أن الدعاء بها ليس تحصيل حاصل (١)، ولكن العبد محتاج إليها على جميع المعاني التي ذكرها العلماء.
قال ابن القيم: (والعبد مفتقر إلى الهداية في كل لحظة ونفس في جميع ما يأتيه ويذره، فإنه بين أمور لا ينفك عنها:
أحدها: أمور قد أتاها على غير وجه الهداية جهلاً فهو محتاج إلى أن يطلب الهداية إلى الحق فيها.
أو يكون عارفاً بالهداية فيها، فأتاها على غير وجهها عمداً فهو محتاج إلى التوبة منها.
أو أمور لم يعرف وجه الهداية فيها علماً ولا عملاً ففاتته الهداية
أو أمور لم يعرف وجه الهداية فيها علماً ولا عملاً ففاتته الهداية إلى علمها ومعرفتها وإلى قصدها وإرادتها وعملها.
أو أمور قد هدي إليها من وجه دون وجه، فهو محتاج إلى تمام الهداية فيها.
أو أمور قد هدي إلى أصلها دون تفاصيلها، فهو محتاج إلى هداية التفصيل.
أو طريق هدي إليه، وهو محتاج إلى هداية أخرى فيها ... إلى أن قال:
وكذلك أيضاً ثَمَّ أمور هو محتاج إلى أن يحصل له فيها من الهداية في المستقبل مثل ما حصل له في الماضي.
وأمور هو خال عن اعتقاد حق أو باطل فيها، فهو محتاج إلى هداية الصواب فيها.
وأمور يعتقد أنه فيها على هدى وهو على ضلالة ولا يشعر، فهو محتاج إلى انتقاله عن ذلك الاعتقاد بهداية من الله.
وأمور قد فعلها على وجه الهداية، وهو محتاج إلى أن يهدي غيره إليها، ويرشده وينصحه، فإهماله ذلك يفوت عليه من الهداية بحسبه، كما أن هدايته للغير وتعليمه ونصحه يفتح له باب الهداية؛ فإن الجزاء من جنس العمل .. ) (٢).
(١) تفسير ابن كثير ١/ ١٦٢.
(٢) رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه ص ٨ - ١٠.