ج- ولأن التلاوة المجردة من المعرفة تجري عند صاحبها مجرى أمنية تمناها على الظن والتخمين (١)
- وإلى هذا القول ذهب: ابن عباس رضي الله عنه، وأبو عبيدة، والكسائي، والزجاج، والفراء.
- وحجة أصحاب هذا القول:
١ - أن حمل الآية على هذا القول أليق بطريقة الاستثناء إذا الأصل في الاستثناء: أن يكون المستثنى من جنس المستثنى منه (٢)، فإذا حملنا الآية على ذلك كان له نوع تعلق بما قبله، فكأنه قال: لا يعلمون الكتاب إلا بقدر ما يتلى عليهم فيسمعونه، وبقدر ما يذكر لهم فيقبلونه، ثم إنهم لايتمكنون من التدبر والتأمل.
وإذا حمل على أن المراد (الأكاذيب، أو التمني والتقدير) كان الاستثناء فيه نادراً.
٢ - أن قوله تعالى في هذا الآية: {وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} البقرة:٧٨، يؤيد هذا القول.
وذلك أن الأماني إن أريد بها التقدير والفكر لأمور لا حقيقة لها، فهي ظن، فيكون قوله: {وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} البقرة:٧٨ تكراراً لما سبق.
بخلاف ما لوحملنا معنى الآية على التلاوة فإنه لا يكون في المتأخر تكرار للمتقدم.
واعترض على هذا الاحتجاج: بأن الظن غير التمني والتقدير.
وعليه فلا يلزم من القول بهذا المعنى التكرار (٣).
- وقد رد هذا القول: بأنه لا يتناسب مع ما وصفهم الله جل وعلا به في قوله: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} البقرة:٧٨ أي: جهلة لا يعرفون الكتابة فيطالعوا التوراة ويتحققوا مما فيها (٤).
القول الثاني: أن المراد بقوله تعالى: {إِلَّا أَمَانِيَّ} البقرة:٧٨ أي: إلا كذباً (٥)
(١) انظر: المفردات للراغب (٤٧٦) والقاموس المحيط (١٧٢١).
(٢) تفسير القاسمي (١/ ٣١٨).
(٣) تفسير الرازي (٣/ ١٣٩).
(٤) تفسير البيضاوي (١/ ٧١).
(٥) انظر: تفسير ابن كثير (١/ ١٢١). وتفسير الطبري (١/ ٤١٨) وتفسير ابن الجوزي (١/ ٩٠).