قال الأصمعي: (الإشعار: الإعلام - والشعار: العلامة، ولا أرى مشاعر الحج إلا من هذا، لأنها علامات له). (١)
رابعاً: الأقوال في حكم السعي بين الصفا والمروة:
القول الأول: أن السعي بين الصفا والمروة: (سنة)، إن فعله كان محسناً، وإن تركه لم يلزمه شيء. (٢)
- وهذا قول: ابن عباس - وأبيّ بن كعب - وابن الزبير - وأنس بن مالك، رضي الله عنهم - وابن سيرين - وعطاء - ومجاهد - وأحمد في رواية. (٣)
- ومن أدلة هذا القول:
أ- قوله تعالى: {فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} {البقرة:١٥٨:
فلما نفى جلّ وعلا الحرج والجناح عن فاعله، دل على عدم وجوبه. فرفع الإثم علامة المباح.
- الرد على هذا الاستدلال من وجوه:
١ - ليس في قوله (فلا جناح) دليل على الإباحة دون الوجوب، لخروجه على السبب الذي بينته عائشة رضي الله عنها، وهو أن نفي الجناح عمن طاف بهما لإزالة ما في نفوسهم من أن الطواف بهما من شعائر الجاهلية.
٢ - ظاهر قوله (فلا جناح عليه) أنه لا إثم عليه. والذي يصدق عليه أن لا إثم في فعله يدخل تحته: الواجب، والمندوب، والمباح. ثم يمتاز كل واحد من هذه الثلاثة عن الآخر بقيد زائد.
فإذن ظاهر هذه الآية لا يدل على أن السعي واجب أو ليس بواجب. لأن اللفظ الدال على القدر المشترك بين الأقسام لا دلالة فيه البتة على خصوصية بأحدها، ولابد من الرجوع إلى دليل الآخر لبيان الخصوصية. (٤)
٣ - أنه لا يلزم من نفي الإثم عن الفاعل، نفي الإثم عن التارك.
٤ - أنه لو كان المراد مطلق الإباحة، لنفي الإثم عن التارك، كما نفي عن الفاعل. (٥)
(١) تهذيب اللغة (١/ ٤١٧).
(٢) تفسير الطبري (٢/ ٥٢).
(٣) انظر: المغني لابن قدامة (٥/ ٢٣٨) والمجموع للنووي (٨/ ٧٧) والإنصاف (٤/ ٥٨) والتمهيد لابن عبد البر (٢/ ٩٧) وبداية المجتهد (١/ ٣٤٤).
(٤) تفسير الرازي (٤/ ١٥٩).
(٥) فتح الباري (٣/ ٥٨٣).