وقد رد هذا القول: بأن الزيادة في عدد أشواط الطواف، أمر مبتدع غير مشروع.
وقد حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - من كل أمر مبتدع لم يرد فيه دليل من كتاب أو سنة (١)، وقال: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد). (٢)
- وهذا القول هو الأولى لأمور:
- أن الجملة عطفت بـ (الواو) دون الفاء، لئلا يكون الخير قاصراً على السعي.
- ولأن (خيراً) نكرة في سياق الشرط فهي عامة.
- ولأن الجملة تذييل للآية لإفادة حكم كلي بعد ذكر تشريع خاص.
وعليه فإن الآية عامة في الدعوة لأفعال الخيرات كلها من فرائض ونوافل. (٣)
القول الثاني: أن السعي بين الصفا والمروة: (واجب)
يجزئ تاركه فدية، ولا يلزمه العود لقضائه بعينه، وإن عاد فحسن.
- وهذا قول: الحسن البصري - وقتادة - والثوري - وأبي حنيفة - ومالك - وأحمد في رواية عنهما. (٤)
- ومن أدلة هذا القول:-
١ - قوله تعالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} البقرة:١٥٨.
فالآية دلت على رفع الإثم عمن تطوف بهما، ورفع الإثم يدل على الإباحة لا على أنه ركن، ولكن فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - جعله واجباً. فصار الوقوف بالمزدلفة ورمي الجمار يجزئ عنه الدم إذا تركه. (٥)
٢ - قوله تعالى: {مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} البقرة:١٥٨ دال على وجوب السعي بين الصفا والمروة.
(١) كتاب الباعث على إنكار البدع والحوادث (٥٣).
(٢) أخرج البخاري في صحيحه - كتاب الصلح - باب إذا اصطلحوا على صلح جور (حـ ٢٥٥٠ - ٢/ ٩٥٩).
ومسلم في صحيحه - كتاب الأقضية - باب نقض الأحكام الباطلة (حـ ٤٤٦٨ - ١٢/ ٢٤٢).
(٣) تفسير ابن عاشور (١/ ٦٤).
(٤) انظر: المغني لابن قدامة (٥/ ٢٣٨) والمجموع للنووي (٨/ ٧٧)، والإنصاف (٤/ ٥٨)، وفتح الباري (٣/ ٥٨٢).
(٥) أحكام القرآن للجصاص - (١/ ٩٦).