ورد هذا الاستدلال: بأن شعائر الله منها الواجبة، ومنها المندوب إليها. (١)
٣ - قول عائشة رضي الله عنها: (ما تم حج امرئ قط إلا بالسعي) (٢) فيه إشارة إلى أنه واجب، وليس بفرض، لأنها وصفت الحج بدون السعي بالنقصان لا بالفساد، وفوت الواجب هو الذي
يوجب النقصان، أما فوت الركن فيوجب الفساد والبطلان). (٣)
القول الثالث: أن السعي بين الصفا والمروة ركن لا يتم الحج والعمرة إلا به. ولا يجزئ تاركه غير قضائه بعينه.
- وهذا قول الجمهور، ومنهم: عائشة - وعروة رضي الله عنهم - والشافعي - ومالك - وفقهاء الحرمين - وأحمد في رواية المذهب - وإسحاق - وأبي ثور - وداود الظاهري - وغيرهم. (٤)
- ومن أدلة هذا القول:
١ - قوله تعالى: {مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} البقرة:١٥٨. فشعائر الله هي: أعلام دين الله الظاهرة التي تعبد الله بها عباده. وقد أمر الله جلّ وعلا بتعظيم شعائره فقال:: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} الحج:٣٢.
فدل مجموع النصين على أن الصفا والمروة من شعائر الله، وأن تعظيم شعائره من تقوى القلوب، والتقوى واجبة على كل مكلف، وذلك يدل على أن السعي بهما فرض لازم لا يتم الحج والعمرة إلا به. (٥)
(١) تفسير ابن جزي (١/ ٩٠).
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الحج - باب أن السعي بين الصفا والمروة ركن (ح ٣٠٦٩ - ٩/ ٢٥).
وابن ماجة في سننه - كتاب المناسك - باب السعي بين الصفا والمروة (ح ٣٠٢٠ - ٢/ ١٧٣).
(٣) بدائع الصنائع (٢/ ٣١٧).
(٤) انظر: المغني لابن قدامة (٥/ ٢٣٨) - وتفسير الماوردي (١/ ٢١٣) - وتفسير الطبري (٢/ ٥٢). -
وفتح الباري (٣/ ٥٨٢). وبداية المجتهد (١/ ٦٤٤) والتمهيد لابن عبد البر (٢/ ٩٧).
(٥) تفسير السعدي (١/ ١٨٣).