I- أن القول بأن الآية منسوخة بآية المواريث مردود بأمور:
١ - أنه لا دليل على أن آية المواريث نزلت بعد آية الوصية حتى تكون ناسخة لها.
٢ - ن ظاهر آية الوصية وسياقها ينافي القول بالنسخ، فإن لله تعالى إذا شرع للناس حكماً وفي علمه أنه مؤقت وأنه سينسخه بعد زمن، فإنه لا يؤكده بمثل ما أكد به أمر الوصية في هذه الآية.
من كون (كُتَب) وكونه: (حقاً على المتقين). وتوعده لمن بدله (١) بقوله: {فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٨١)} البقرة:١٨١
٣ - ليس في إيجاب الميراث للورثة بآية المواريث ما ينفي جواز الوصية لهم، لإمكان اجتماع الحقان للورثة. بالطريقين، وإنما ينسخ الشيء ما ينافيه، والله تعالى جعل الميراث بعد الوصية بقوله {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} النساء:١١ فجعل الإرث بعد الوصية مطلقة من غير فصل بين القريب والبعيد، فما الذي يمنع أن يعطى الوارث نصيبه من الوصية، ثم يعطى الميراث بعدها. (٢)
* - أن القول بأن حديث أبي أمامة ناسخ للآية مردود بأمور:
١ - أن هذا الحديث المروي عن أبي أمامة حديث آحادي، وخبر الآحاد ظني الثبوت، والظني لا يقوى على نسخ القطعي الذي هو الآية الكريمة.
٢ - أن الحديث ليس على إطلاقه حتى ينسخ الآية، لأن من الفقهاء من أجاز الوصية في حدود الثلث مطلقا (٣). كما أنه لا ينفي الوصية للأقربين الذين لا يرثون. فغاية ما في الحديث تخصيص العموم الوارد في الآية. (٤)
وبهذا تبين أن القول الصواب هو: أن الآية محكمة، وأن آية المواريث غير ناسخة لها، بل مؤكدة لحكمها. كما أن الحديث غير ناسخ لها، بل مخصص لعمومها.
وإلى هذا القول ذهب: جمهور المفسرين.
(١) فتح المنان (٢٧٢).
(٢) أحكام القرآن للكياالهراسي (١/ ٥٨).
(٣) فتح المنان (٢٧١).
(٤) أحكام القرآن للكياالهراسي (١/ ٥٩).