وكان المسلمون عليه من الاعتكاف في مساجد بلدانهم، أما مساجد الجماعات التي تقام فيها الجمعات، وإما هي وما سواها من المساجد التي لها الأئمة والمؤذنون على ما قاله أهل العلم في ذلك. والله عز وجل نسأله التوفيق.
(شرح مشكل الآثار - ٧/ ٢٠٥).
الدراسة
استدل الإمام الطحاوي بقوله عز وجل: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} البقرة:١٨٧ على جواز الاعتكاف في سائر المساجد أخذاً بظاهر الآية وعمومها.
وإليك بيان الأقوال في حكم الإعتكاف في سائر المساجد:
القول الأول: أن الاعتكاف جائز في كل مسجد.
- وهذا قول: سعيد بن جبير - وأبي قلابة - وإبراهيم النخعي - والثوري.
وهو قول: أبي حنيفة - والشافعي- وأحمد - وأحد قولي مالك.
- ودليل هذا القول: عموم قوله تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} فعمم المساجد كلها (١).
القول الثاني: أن الاعتكاف لا يجوز إلا في مسجد تجمع فيه الجمعة.
- وهذا قول: علي بن أبي طالب - وابن مسعود - وعروة بن الزبير - رضي الله عنهم، والزهري وهو أحد قولي مالك.
- ودليل هذا القول: أن الإشارة في الآية ترجع إلى المساجد التي تقام فيها الجمعة دون غيرها.
ولكي لا يضطر المعتكف للخروج من معتكفه لحضور الجمعة في مسجد آخر (٢).
القول الثالث: أن الاعتكاف لا يجوز إلا في المساجد الثلاثة.
- وقد روي هذا القول عن: حذيفة بن اليمان - وسعيد بن المسيب - وعطاء.
- ودليل هذا القول:
١ - ما روي عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت النبي عليه صلى الله عليه وسلم يقول:
(١) انظر: أحكام القرآن للجصاص- (١/ ٢٤٣). وأحكام القرآن لابن العربي (١/ ٩٥).
(٢) انظر: تفسير القرطبي (٢/ ٣٣٢) - والتمهيد لابن عبد البر (٨/ ٣٢٥).