استدل أصحاب هذا القول بالحديث المتقدم - حديث يعلي بن عقبة - من جهة أن ما ذكرته عائشة - رضي الله عنها - هو مما أختص به النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأما ما ذكره أبو هريرة فهو حكم غيره من أمته. (١)
- وقد رد هذا الاستدلال من وجوه:
١ - أن حمل قول عائشة - رضي الله عنها - على الخصوصية لا يصح، وذلك لأن الخصائص لا تثبت إلا بدليل، ولا دليل على ذلك. بل ورد صريحاً ما يدل على عدم الخصوصية (٢)، وهو:
ما ورد عن أبي يونس مولى عائشة عن عائشة - رضي الله عنها -: أن رجلاً قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو واقف على الباب، وأنا أسمع: يا رسول الله، إني أصبح جنباً، وأنا أريد الصوم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " وأنا أصبح جنباً، وأنا أريد الصوم، فأغتسل وأصوم " فقال الرجل: إنك لست مثلنا، قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: " والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله تعالى، وأعلمكم بما أتقي ". (٣)
فدل هذا الحديث على: أن حكم الرسول - صلى الله عليه وسلم - في ذلك كحكم سائر أمته فيه (٤).
٢ - أن قول أبي هريرة - رضي الله عنه - يحمل على أحد الأمور التالية:
أ - يحمل على من أدركه الفجر مجامعاً وبقي على ذلك بعد طلوع الفجر عالماً بذلك.
(١) شرح مشكل الآثار (٢/ ١٧).
(٢) فتح الباري (٤/ ١٧٥).
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الصيام - باب صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب (حـ ٢٥٨٨ - ٧/ ٢٢٣).
وأبو داود في سننه - كتاب الصوم - باب فيمن أصبح جنباً في شهر رمضان (حـ ٢٣٨٩ - ٢/ ٢٨٧).
(٤) شرح مشكل الآثار، (٢/ ١٧).