- فعن زيد بن أسلم - رضي الله عنه - في قوله تعالى: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} البقرة:١٩٥
قال: (إذا لم يكن عندك ما تنفق، فلا تخرج بنفسك بغير نفقة ولا قوة، فتلقي بيديك إلى التهلكة).
- وهذا قول: زيد بن أسلم. (١)
- القول الخامس: أن المراد بالتهلكة: التقحم في القتال من غير نكاية في العدو.
- فعن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، أن عبد الرحمن بن الاسود الزهري، أخبره: أنهم حاصروا دمشق، فانطلق رجل من أزد شنوءة، فأسرع إلى العدو وحده يستقبل، فعاب ذلك عليه المسلمون، ورفعوا حديثه إلى عمرو بن العاص، وهو على جند من الأجناد، فأرسل إليه عمرو، فرده، وقال له عمرو: إن الله عزّ وجلّ يقول: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} الصف:٤، وقال: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} البقرة:١٩٥. (٢)
- وهذا قول: عمرو بن العاص - وأبي القاسم البلخي. (٣)
الترجيح: والقول الراجح هو: أن جميع الأقوال المتقدمة يصح إرادتها بالآية. لأن وقوع الفعل (تلقوا) في سياق النهي يقتضي عموم كل إلقاء باليد إلى التهلكة. كما أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب الوارد في الآية. (٤)
وبهذا يتبين أن ما قاله الإمام الطحاوي هو أحد الأقوال الواردة في المراد بالآية. والله تعالى أعلم.
(١) تفسير الطبري (٢/ ٢٠٨).
(٢) أورده السيوطي في الدر المنثور (١/ ٥٠١).
(٣) انظر: تفسير الماوردي (١/ ٢٥٣) - وأحكام القرآن لابن العربي (١/ ١١٦).
(٤) انظر: تفسير الطبري (٢/ ٢١١) - وتفسير ابن عاشور (٢/ ٢١٥).