فقال قائل: ممن كره القران والتمتع، لمن استحبهما: اعتللتم علينا بقول الله عزّ وجلّ: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} البقرة:١٩٦. في إباحة المتعة، وليس ذلك كذلك. وإنما تأويل هذه الآية، ما روي عن عبد الله بن الزبير. (١)
عن إسحاق بن سويد، (٢) قال: سمعت عبد الله بن الزبير وهو يخطب يقول: (يا أيها الناس، ألا إنه والله ما التمتع بالعمرة إلى الحج كما تصنعون، ولكن التمتع بالعمرة إلى الحج أن يخرج الرجل حاجاً، فيحبسه عدو، أو مرض، أو أمر يعذر به، حتى تذهب أيام الحج، فيأتي البيت فيطوف به سبعاً، ويسعى بين الصفا والمروة، ويتمتع بحله إلى العام المقبل، فيحج ويهدي).
قيل لهم: لئن وجب أن يكون تأويلها كذلك لقول ابن الزبير، فإن تأوليها أحرى أن لا يكون كذلك، لما رويناه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعن أصحابه من بعده، مثل عمر، وعلي رضي الله عنهما، ومن ذكرنا معهما فيما تقدم من هذا الباب ..
(١) عبد الله بن الزبير هو: أبو خبيب عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد، وهو أول مولود ولد بالمدينة من المسلمين بعد الهجرة، وكانت وفاته
سنة (٧٣ هـ) (وفيات الأعيان -٣/ ٧١).
(٢) إسحاق هو: إسحاق بن وسويد بن هُبيرة العدوي التميمي، قال ابن معين وغيره: ثقة، وكانت وفاته سنة (١٣١ هـ). (تهذيب الكمال -١/ ١٨٨).