- القول الثاني: أن الوقوف بالمزدلفة واجب، ومن تركه فحجه صحيح، وعليه دم.
- وهذا قول: جمهور أهل العلم. (١)
- ومن أدلة هذا القول:
١ - حديث عبد الرحمن بن يعمر الديلي: رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (الحج عرفة، من أدرك عرفة، فقد أدرك الحج). (٢) فظاهر الحديث يقتضي أن يكون الوقوف بعرفة هو الركن دون غيره.
ولو كان الوقوف بالمزدلفة ركناً لم يكن الوقوف بعرفة كل الحج بل بعضه، ولم يكن مدركاً للحج بدونه، ولكن الحديث دل على خلاف ذلك.
٢ - أن ترك الوقوف بالمزدلفة جائز لعذر، ولو كان فرضاً لما جاز تركه مطلقاً، فدل ذلك على أنه ليس بفرض، بل واجب.
الترجيح: والراجح هو القول بأن الوقوف بالمزدلفة واجب، وذلك لأن الفرضية لا تثبت إلا بدليل مقطوع به، ولا دليل على ذلك. (٣)
وبهذا يتبين أن ما قاله الإمام الطحاوي هو القول الصواب في المراد بالآية. والله تعالى أعلم.
قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٠٣)} البقرة:٢٠٣.
(١) انظر: أحكام القرآن للجصاص (١/ ٣١٣ ب) وبداية المجتهد (١/ ٦٥٣).
(٢) أخرجه أبو داود في سننه - كتاب المناسك - باب: من لم يدرك عرفة (حـ ١٩٤٩ - ٢/ ٤٨٥)
وابن ماجة في سننه - كتاب المناسك - باب: من أتى عرفة قبل الفجر ليلة جمع - (حـ ٣٠٤٩ - ٢/ ١٨٠).
(٣) بدائع الصنائع (٢/ ٣٢٠).