وعن نافع، أن معاوية (١) كتب إلى زيد بن ثابت (٢) يسأله، فكتب: (إنها إذا دخلت في الحيضة الثالثة، فقد بانت منه) قال نافع: وكان ابن عمر يقوله.
قالوا: فهذه أقاويل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورضي الله عنهم، في ذلك، تدل على ما ذكرناه.
قيل لهم: هذا لو لم يختلف أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، فأما إذا اختلفوا فيه، فقال بعضهم ما ذكرتم.
وقال آخرون منهم بخلاف ذلك، لم يجب بما ذكرتم لكم حجة فمما روي خلاف ما احتجوا به من هذه الآثار المذكورة عمن رويت عنه من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، الدالة على أن الأقراء غير الأطهار
عن علي بن أبي طالب، قال: زوجها أحق بها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة
وعن علقمة (٣) أن رجلاً طلق امرأته فحاضت حيضتين، فلما كانت الحيضة الثالثة ودخلت المغتسل، أتاها زوجها فقال: (قد راجعتك ثلاثاً) فارتفعا إلى عمر، فأجمع عمر، وعبد الله على أنه أحق بها، ما لم تحل لها الصلاة، فردها عمر عليه
وعن عبد الله بن عمر، كان يقول: إذا طلق العبد امرأته اثنتين، فقد حرمت عليه، حتى تنكح زوجاً غيره، حرة كانت أو أمة، وعدة الحر ثلاث حيض، وعدة الأمة حيضتان.
(١) معاوية هو: الصحابي الجليل أبو عبد الرحمن معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب الأموي، ولاه عمر بن الخطاب الشام فأقره عثمان مدة
ولايته، ثم ولي الخلافة، وكانت وفاته سنة (٦٠ هـ). (تهذيب التهذيب - ٤/ ١٠٧).
(٢) زيد هو: أبو سعيد زيد بن ثابت بن الضحاك الأنصاري الخزرجي النجاري، كان يكتب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - الوحي وغيره، كما كان يكتب لأبي
بكر وعمر، وكان أعلم الصحابة بالفرائض، وكانت وفاته سنة (٤٥ هـ). (أسد الغابة - ٢/ ٢٧٨)
(٣) علقمة هو: علقمة بن قيس بن عبد الله (تقدمت ترجمته -).