قوله تعالى: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} الطلاق:١
والمعنى: إذا أردتم الطلاق وقاربتم أن تطلقوا فطلقوا للعدة.
وكقوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} النحل:٩٨
والمعنى: إذا أردت أن تقرأ القرآن فاستعذ بالله.
وكقوله تعالى: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا} الأنعام:١٥٢ ليس المراد أن يكون العدل بعد القول، ولكن يكون قبله، فيلزمه ألا يقول إلا عدلاً.
وكما يقول المسافر: (بلغت بلد كذا) - ومراده مقاربته، لا حقيقة بلوغه.
فعلى هذا كان المراد (ببلوغ الأجل) في الآية الأولى: مقاربته، لا وجود نهايته.
وأما في الآية الثانية فالمراد (ببلوغ الأجل): وجود نهايته، لأن المعنى يقتضي ذلك، فابتداء النكاح إنما يتصور بعد انقضاء العدة، ولا يتصور قبل ذلك.
فكان ذكر (بلوغ الأجل) حقيقة في الآية الثانية، مجاز في الآية الأولى. (١)
وبهذا يتبين أن ما قاله الإمام الطحاوي هو القول الصواب في المراد بالآية. والله تعالى أعلم.
(١) انظر: أحكام القرآن للجصاص (١/ ٣٩٨) - ومعاني القرآن للنحاس (١/ ٢٠٨). وتفسير القرطبي (٣/ ١٥٦).