٣ - أن الله جل وعلا قال: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} البقرة:٢٣٧ فالخطاب للزوج في أول الآية، فلو كان الزوج هو المراد بالعفو، لقال: (إلا أن يعفون أو تعفوا). ولم يقل: {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} البقرة:٢٣٧ فدل سياق الكلام على أن المراد هو الولي لا الزوج (١).
- الرد على هذا الاستدلال: أن هذا الأسلوب هو من باب الالتفات، إذ فيه خروج من الخطاب إلى الغيبة وهذا وارد في اللغة، ولا إشكال في ذلك. (٢)
٤ - أن الله جل وعلا قال: {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} البقرة:٢٣٧ ولو كان المراد الزوج لقال: (أو يعفو الزوج) لما تقدم من ذكر الزوج.
- الرد على هذا الاستدلال: أنه لو كان المراد الولي لقال: (أو يعفو الولي) ولم يورد لفظاً يشترك فيه الزوج والولي. فهذا الاستدلال لا وجه له في الصحة، لأن الله جل وعلا يذكر إيجاب الأحكام تارة بالنصوص، وتارة بالدلالة على المعنى المراد من غير نص عليه، وتارة بلفظ يحتمل معاني عدة، وهو في بعضها أظهر وأولى، وتارة بلفظ مشترك يتناول معاني مختلفة يحتاج في الوصول إلى المراد بها الاستدلال عليه من غيره. وكل هذه الأوجه واردة في القرآن، ولا مانع منها. (٣)
٥ - أن الله جل وعلا قال:: {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} البقرة:٢٣٧ فأجاز الله جل وعلا عفو الذي بيده عقدة نكاح المطلقة. فكان معلوماً بذلك أن الزوج غير معني بالآية، لأن الزوج إذا طلق زوجته بطل أن يكون بيده عقدة نكاحها. وفي عدم صحة القول بأنه الزوج، صحة القول بأنه الولي.
- الرد على هذا الاستدلال:
(١) معاني القرآن للنحاس (١/ ٢٣٥).
(٢) تفسير أبي حيان (٢/ ٥٣٨).
(٣) أحكام القرآن للجصاص (١/ ٤٤١).