ثم قال جل ذكره: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ} آل عمران:٧ فوصف متبع المتشابه من غير حمل له على معنى المحكم بالزيغ في قلبه. فاستحال بما تقدم أن تدل الآية على وجوب رد المتشابه إلى المحكم، وتدل أيضاً على نفي العلم بالمتشابه. (١)
وبان بحمد الله جل وعلا أن قوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} آل عمران:٧ غير ناف لوقوع العلم ببعض المتشابه عند الراسخين في علم الكتاب.
وبهذا يتبين أن ما قاله الإمام الطحاوي هو القول الأولى في المراد بالآية. والله تعالى أعلم.
المسألة الثالثة: الأقوال في المراد بـ (الزيغ) في قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ} آل عمران:٧:-
- القول الأول: أن (الزيغ) هو: الميل عن الحق والهدى.
والمعنى: فأما الذين في قلوبهم ميل عن الحق وانحراف عنه.
ومنه قوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} آل عمران:٨ أي لا تملها عن الحق.
- وهذا قول: ابن مسعود - ومجاهد - ومحمد بن جعفر بن الزبير - وجماعة من الصحابة والتابعين.
- القول الثاني: أن (الزيغ) هو: الشك.
- وهذا قول: ابن مسعود - وابن عباس - ومجاهد.
- القول الثالث: أن (الزيغ) هو: اللبس.
- القول الرابع: أن (الزيغ) هو: الشرك.
- وهذا قول: ذكره أبو المظفر السمعاني.
(١) أحكام القرآن للجصاص (٢/ ٣)