كما في قوله تعالى {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ} الزمر:٦٠.
وقيد الرؤية بالنظر في الآية، مع اتحاد معناهما للمبالغة. فقوله: {وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} آل عمران:١٤٣ جملة حالية للتأكيد، ورفع ما يحتمله الفعل {رَأَيْتُمُوهُ} من المعنى المشترك الذي بين رؤية العين، ورؤية القلب.
- وعليه يكون معنى الآية: فقد رأيتم الموت حقيقة معاينين له، حين قتل من قتل منكم، وحين شارفتم على الموت فأنجاكم ربكم.
- القول الثاني: أن المراد بالرؤية: العلم.
كما في قوله تعالى: {إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا} الكهف:٣٩.
وقيد الرؤية بالنظر - في الآية - لاختلاف معناهما. فقوله: {وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} آل عمران:١٤٣ جملة في موضع الحال المبينة لا المؤكدة.
وإذا كان المراد بالرؤية هنا العلم، كان المفعول الثاني محذوفاً، وحذف لدلالة المعنى عليه.
- وعليه يكون معنى الآية المقدر: فقد علمتم الموت حاضراً وأنتم تنظرون.
الترجيح: والقول الراجح هو أن المراد بالرؤية في الآية: الإبصار.
وذلك لأن المشهور في اللغة أن الرؤية هي الإبصار، وإن كانت تأتي بمعنى العلم.
ولأن القول بأن الرؤية بمعنى العلم يقتضي حذفاً للمفعول الثاني، والعمل بالظاهر، أولى من العمل بالمحذوف المقدر. (١)
وبهذا يتبين أن ما قاله الإمام الطحاوي هو خلاف القول الأولى في المراد بالآية.
والله تعالى أعلم.
(١) انظر: تفسير أبي حيان (٣/ ٣٦٢) والمفردات للأصفهاني (مادة: رأى - ٢٠٩) ومعاني القرآن للنحاس (١/ ٤٨٥).