- ويجاب عن هذا الاعتراض: بأن العطف على المضمر المجرور فيه مذاهب:-
١ - أنه لا يجوز إلا بإعادة الجار، إلا في الضرورة الشعرية، فإنه يجوز بغير إعادة الجار. وهذا مذهب البصريين.
٢ - أنه يجوز بدون إعادة الجار في سائر الكلام. وهذا مذهب الكوفيين.
٣ - أنه يجوز بدون إعادة الجار إن أكد الضمير، كقولك (مررت بك نفسك وأحمد). فإن لم يؤكد لم يجز إلا بإعادة الجار. وهذا مذهب صالح إسحاق الجرمي البصري.
والذي اختاره: أنه يجوز في الكلام مطلقاً: عطف الظاهر على المضمر المجرور بدون إعادة الجار. وذلك لأن السماع والقياس يعضده ويقويه.
أ - أما القياس فهو: أنه كما يجوز أن يبدل من المضمر المجرور، وأن يؤكد من غير إعادة الجار، فكذلك يجوز أن يعطف عليه من غير إعادة الجار.
ب - وأما السماع:
١ - فقد روي من قول العرب قولهم: (ما فيه غيره وفرسه) بجر (الفرس) عطفاً على الضمير في (غيره) والتقدير: (ما فيه غيره وغير فرسه).
٢ - وورد في أشعار العرب الكثير من ذلك مما يخرجه من الضرورة. كما في قول الشاعر العباس بن مرداس السلمي: أكر على الكتيبة لا أبالي أحتفي كان فيها أم سواها. (١)
والشاهد: أنه عطف (سواها) على الضمير المتصل المجرور بـ (في) من غير إعادة الجار. والتقدير: (أحتفي كان فيها أم في سواها).
وكما في قول الشاعر:
قد كنت من قبل تهجونا وتفضحنا ... فما بك والأيام من عجب (٢)
والشاهد: أنه عطف (الأيام) على الضمير المتصل المجرور بـ (الباء) من غير إعادة الجار. والتقدير: (فما بك وبالأيام من عجب).
(١) انظر: ديوان العباس بن مرداس (١١٠) - وكتاب الحماسة (١/ ١٣٣).
(٢) البيت من شواهد سيبويه، ولا يعرف قائله - انظر: شرح أبيات سيبويه (٢/ ٢٠٧).
والإنصاف لابن الأنباري (٤٦٤) وشرح المفصل (٣/ ٧٨) وخزانة الأدب (٥/ ١٢٣).