وعن هشام بن عروة، عن أبيه
عن عائشة: {وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} النساء:١٢٧ قالت عائشة: هذا في اليتيمة، تكون عند الرجل يعلم أن تكون شريكته في ماله، هو أولى به، فيرغب عنها لمالها أن ينكحها غيره كراهية أن يشركه في مالها.
وقد روي عن عبد الله بن عباس في تأويلها أيضاً مثل الذي روي عن عائشة رضي الله عنها من ذلك كما عن أبي عباس رضي الله عنه في قوله: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ أَلَّا تَعُولُوا (٣)} النساء:٣ قال ابن عباس: فكما خفتم أن لا تعدلوا في اليتامى فخافوا في النساء إذا اجتمعن عندكم ألا تعدلوا.
وكما عن ابن عباس في قوله:: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} النساء:٣ قال: إن خفتم عليهن الزنى فأنكحوهن.
ففيما روينا عن عائشة، وعن ابن عباس ما قد دل على إباحة تزويج اليتامى، وهن اللاتي لا أب لهن، وهذا يؤكد ما كان أبو حنيفة وأصحابه يذهبون إليه في إجازة تزويج أولياء اليتامى قبل بلوغهن من أنفسهم وغيرهم من الناس.
فقال قائل: هؤلاء اليتامى المذكورات في الآيتين اللتين تلونا فيما رويتم هن اليتامى اللاتي قد بلغن قبل ذلك، فسمين بذلك لقربهن كان من اليتم، واحتجوا لذلك بما قد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
كما عن أبي بُردة بن أبي موسى. (١)
(١) أبو بردة هو: الحارث بن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري، تابعي فقيه من أهل الكوفه، وثقه ابن حبان وغيره، وكانت وفاته بالكوفة سنة
(١٠٣ هـ) (تهذيب الكمال- ٨/ ٢٤٠).