فيدل ما كان من علي رضي الله عنه في هذا الحديث على أن تأويل الآيتين اللتين تلونا كمثل الذي كان تأويلهما عليه عند عائشة، وابن عباس مما ذكرنا عنهما، وفي ذلك ما قد دل على جواز نكاح الرجل من نفسه من هو وليه، كما يقوله أبو حنيفة، ومالك، وأصحابهما في ذلك، وبخلاف من يقول: إن الرجل لا يكون مزوجاً من نفسه كما لا يكون بائعاً من نفسه.
(شرح مشكل الآثار- ١٤/ ٤١٧ - ٤٢٥)
ذكر الإمام الطحاوي الروايات الدالة على المراد بالآية على وجه العموم، ثم بين - رحمه الله تعالى - أن المراد باليتامى في الآية: اليتامى اللآتي لا رضى لهن، وهن غير البالغات.
وبناء على أن هذا هو المراد، فقد استدل - رحمه الله تعالى - بهذه الآية على جواز تزويج أولياء اليتامى قبل البلوغ من أنفسهم أو غيرهم من الناس.
وإليك أولاً: بيان الأقوال الواردة في المراد بالآية:-
القول الأول: أن معنى الآية: وإن خفتم يا معشر أولياء اليتامى من عدم العدل في نكاح اليتامى، وخفتم ألا تقسطوا في صداقهن، فتعدلوا فيه وتبلغوا به صداق أمثالهن من النساء، أو خفتم عدم العدل في معاملتهم لعدم محبتكم لهن، فلا تنكحوهن، ولكن انكحوا غيرهن من النساء الغرائب اللواتي أحلهن الله لكم من واحدة إلى أربع، فإن خفتم ألا تعدلوا إذا نكحتم أكثر من واحدة، فلا تنكحوا منهن إلا واحدة، أو ما ملكت إيمانكم.
- وهذا قول: ابن عباس - وعائشة رضي الله عنهم - كما أنه قول جمهور المفسرين. (١)
(١) تفسير الطبري (٣/ ٥٧٣).