٢ - أنه لو كانت (فوق) زائدة لقال: (فإن كن نساء اثنتين فلهما ثلثا ما ترك). فلما قال: {فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} النساء:١١ تبين أنها مقصودة غير زائدة. (١)
٣ - أن كلمة (فوق) في قوله جل وعلا: {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ} الأنفال:١٢ ليست بزائدة بل هي محكمة المعنى، لأن ضربة العنق إنما يجب أن تكون فوق العظام في المفصل دون الدماغ. فمعنى (فوق الأعناق) أي: على ذات العنق، لا على الجزء الذي فوق العنق، إذ أنه لم يقل: (فاضربوا ما فوق الأعناق) وإنما قال: (فاضربوا فوق الأعناق). (٢)
وبهذا يتضح أن القول بزيادة كلمة (فوق) قول لا صحة له، ولذلك فإن المحققين من العلماء كانوا يتحاشون مثل ذلك.
قال ابن هشام في رد القول بالزيادة: وينبغي أن يتجنب المعرب أن يقول في حرف في كتاب الله تعالى إنه زائد، لأنه يسبق إلى الأذهان أن الزائد هو الذي لا معنى له، وكلام الله سبحانه منزه عن ذلك.
والزائد عند النحويين معناه: الذي لم يؤت به إلا لمجرد التقوية والتوكيد، وكثير من المتقدمين يسمون الزائد: صلة، وبعضهم يسميه: مؤكداً، وبعضهم يسميه: لغواً، لكن اجتناب هذه العبارة في التنزيل واجب. أ هـ. (٣)
ج - أن في الآية تقديم وتأخير، والتقدير: (فإن كن نساء اثنتين فما فوق ذلك). ومثال ذلك قوله تعالى: {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ} الأنفال:١٢ أي: فاضربوا الأعناق فما فوقها.
وهذا الاستدلال أحسن من القول بالزيادة لكلمة فوق، لأن فيه الدلالة على حكم الثنتين فما فوق، وأما القول بالزيادة ففيه الدلالة على حكم الثنتين فقط. (٤).
(١) تفسير القاسمي (٢/ ٢٣٨).
(٢) تفسير ابن عطية (٤/ ٣٤).
(٣) الإعراب عن قواعد الإعراب (١٠٨) - وانظر: البرهان للزركشي (١/ ٣٠٥) والدر المصون (٥/ ٢٦٣) وتفسير ابن كثير (٢/ ٢١٤).
(٤) تيسير البيان لأحكام القرآن (٢/ ٥٢٢).