فظهر بذلك أن الوصف الوارد في الآية هو وصف لغالب الأحوال، وليس بشرط لازم لا يتم التحريم إلا به. (١)
وبهذا يتبين أن ما قاله الإمام الطحاوي هو القول الصواب في المراد بالآية. والله تعالى أعلم.
قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (٢٤)} النساء:٢٤.
قال أبو جعفر الطحاوي: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: أصبنا نساء يوم أوطاس، (٢) ولهن أزواج، فكرهنا أن نقع عليهن، فسألنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنزلت هذه الآية: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} النساء:٢٤ فاستحللناهن. (٣)
قال أبو جعفر: وقد كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد اختلفوا في المحصنات المرادات بما ذكر في هذه الآية من هن؟
فروي عن علي وابن مسعود رضي الله عنهما في قوله عز وجل: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} النساء:٢٤، قال علي: المشركات إذا سُبين حللن به.
وقال ابن مسعود: المشركات والمسلمات.
(١) تفسير ابن كثير (١/ ٤٨٢).
(٢) أوطاس هو: موضع عند الطائف. (شرح صحيح مسلم للنووي - ١٠/ ٢٧٧).
(٣) أخرجه النسائي في السنن الكبرى (حـ ٥٤٩١ - ٣/ ٣٠٨) وأبو يعلى في مسنده (حـ ١١٤٨ - ٢/ ٣٨١).