بين الإمام الطحاوي القراءات الواردة في قوله جل وعلا: (فتبينوا) النساء:٩٤ من غير نسبة إلى من قرأ بها.
وإليك بيان هذه القراءات:
القراءة الأولى: (فَتَثَبَّتُوا).
- وهذه قراءة: حمزة - والكسائي - والحسن - والأعمش. (١)
- ومن اختار هذه القراءة فحجته: أنه لما كان معنى الآية الحض للمؤمنين على التأني، وترك الإقدام على القتل، دون تثبت وتبين، أتى بالتثبت، لأنه خلاف الإقدام، ولأنه أفسح للمأمور من التبين، لأن كل من أراد أن يتثبت قدر على ذلك، وليس كل من أراد أن يتبين قدر على ذلك، لأنه قد يتبين، ولا يتثبت له ما أراد بيانه. (٢)
القراءة الثاني: {فَتَبَيَّنُوا}
- وهذه قراءة: الباقين من القراء. (٣)
- ومن اختار هذه القراءة فحجته: أنه لما كان معنى الآية: افحصوا عن أمر من لقيتموه، واكشفوا عن حاله قبل أن تبطشوا بقتله، حتى يتبين لكم حقيقة ما هو عليه من الدِّين - لما كان هذا هو معنى الآية - كانت هذه القراءة أولى. وأيضاً فإن التبين يعم التثبت، لأن كل من تبين أمراً، فليس يتبينه إلا بعد تثبت، ظهر ذلك الأمر أو لم يظهر له، لابد من التثبت مع التبين، ففي التبين معنى التثبت، وليس كل من تثبت في أمر تبينه، فقد يتثبت ولا يتبين له الأمر، فالتبين أعم من التثبت في المعنى لاشتماله على معنى التثبت.
وعليه فالاختيار لقراءة {فَتَبَيَّنُوا} لعموم لفظها، ولأن أكثر القراء عليها. (٤)
(١) انظر: حجة القراءات لأبي زرعة (٢٠٩) - والسبعة لابن مجاهد (٢٣٦).
(٢) انظر: الكشف عن وجوه القراءات السبع (١/ ٣٩٤) - وتهذيب اللغة للأزهري (مادة - ثبت -١٤/ ٢٦٧).
(٣) انظر: حجة القراءات لأبي زرعة (٢٠٩) - والنشر في القراءات العشر (١/ ٢٥٤).
(٤) انظر: الكشف عن وجوه القراءات السبع (١/ ٣٩٤) - وتفسير الرازي (١١/ ٢).