- وهذا قول: أبي يوسف - وإسماعيل بن عُليه - والحسن بن زياد - والمزني. (١)
- ودليل هذا القول: قوله جل وعلا: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ} {النساء:١٠٢ فخص الله جل وعلا هذا الصلاة بكون الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيهم، وأباح لهم فعلها معه على هذا الوجه خاصة، ليدركوا فضيلة الصلاة خلفه، التي مثلها لا يوجد في الصلاة خلف غيره.
فغير جائز لأحد بعده أن يصليها إلا بإمامين، لأن فضيلة الصلاة خلف الثاني كهي خلف الأول، فلا يحتاج عند ذلك إلى تغيير هيئة الصلاة المعهودة (٢).
وقد رد هذا الاستدلال: بأن الخطاب في الآية عام للرسول - صلى الله عليه وسلم - ولغيره ممن يأتي بعده، وإنما جاء الخطاب موجهاً إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأن الغالب في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يكون ملازماً للصحابة في غزواتهم وسراياهم إلا للضرورة (٣).
وأما التمسك بإدراك فضيلة الصلاة خلف الرسول - صلى الله عليه وسلم - فليس يجوز أن يكون علة لإباحة تغيير الصلاة، لأنه لا يجوز أن يكون طلب الفضيلة يوجب ترك الفرض، فاندفع هذا الاستدلال (٤).
ولو كان ما ذكره دليلاً على الخصوص للزم قصر الخطابات الشرعية على من توجهت له، وحينئذ كان يلزم أن تكون الشريعة قاصرة على من خوطب بها. ثم إن الصحابة رضوان الله عليهم اطرحوا توهم الخصوص في هذا الصلاة، وعدوه إلى غير الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهم أعلم بالمقال وأقعد بالحال (٥).
(١) تفسير الشنقيطي (١/ ٢١٦)
(٢) أحكام القرآن للجصاص (٢/ ٣٦٩)
(٣) تفسير ابن عاشور (٥/ ١٨٥)
(٤) تفسير الرازي (١١ (٢٤)
(٥) تفسير القرطبي (٥/ ٣٦٤)