فأما ماذكروامن قول الله عز وجل: {فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} النساء:١١٩ فقد قيل: تأويله ما ذهبوا إليه، وقيل: إنه دين الله. وقد رأينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضحى بكبشين موجوءين، وهما: المرضوضان خصاهما (١)، والمفعول به ذلك، قد انقطع أن يكون له نسل فلو كان إخصاؤهما مكروهاً، إذاً لما ضحى بهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لينتهي الناس عن ذلك، فلا يفعلونه، لأنهم متى ما علموا أن ما أخصي تجتنب أو تجافى، احجموا عن ذلك، فلم يفعلوه.
(شرح معاني الآثار - ٤/ ٣١٧)
الدراسة
بين الإمام الطحاوي أن المراد بقوله جل وعلا: {فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} النساء:١١٩ إما الإخصاء، وإما دين الله، وهو الراجح فيما يراه. وإليك بيان هذه الأقوال، وذكر من قال بها:
- القول الأول: أن المراد بالآية: الإخصاء.
ومعنى الآية: ولآمرنهم فليغيرن خلق الله من البهائم بإخصائهم إياها.
- وهذا قول: ابن عباس - وأنس - وعكرمة - رضي الله عنهم (٢).
- القول الثاني: أن المراد بالآية: دين الله
ومعنى الآية: ولآمرنهم فليغيرن دين الله الذي ولدوا عليه. وتغيير دين الله يكون بتحريم الحلال، وتحليل الحرام.
- وهذا قول: الجمهور ومنهم: ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، والنخعي، والسدي، وغيرهم (٣).
القول الثالث: أن المراد بالآية: الوشم، وما جرى مجراه من التصنع للحسن.
ومعنى الآية: ولآمرنهم فليغيرن خلق الله من الناس بالوشم فيهم.
(١) أخرجه ابن ماجة في سننه - كتاب الأضاحي - باب أضاحي الرسول - صلى الله عليه وسلم - (ح ٣١٥٩ - ٢/ ٢٠٣)
والبيهقي في سننه - كتاب الضحايا - باب الرجل يضحي عن نفسه وعن أهل بيته (ح ٣ - ٩/ ٢٦٧).
(٢) تفسير الطبري (٤/ ٢٨١).
(٣) معاني القرآن للنحاس (٢/ ١٩٥).