قال أبو جعفر: والقول عندنا في ذلك ما رويناه في حديثي جابر وسعد: أن الكلالة هم الوارثون، لا الموروث.
وقد روي أن آية الكلالة هي آخر آية أنزلت. كما عن البراء قال: آخر آية أنزلت: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} النساء:١٢ وآخر سورة نزلت براءة.
وقد روي عن ابن عباس في الكلالة أيضاً. كما عن الحسن بن محمد (١)، قال: (سألت ابن عباس عن الكلالة، قال: هو من لا ولد له ولا والد. قلت: فإن الله يقول: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} النساء:١٧٦ فغضب علي وانتهرني).
وقد يحتمل أن يكون الذكر للولد في هذه الآية، وترك الذكر للوالد، لأن المخاطبين في ذلك يعلمون أن الوالد في هذا المعنى أوكد من الولد، فيكون الذكر للولد يغني عن ذكر الوالد، كما قال جل وعز: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} النساء:٢٣ وسكت عما سوى هؤلاء مما تحرمه الرضاعة من العمات والخالات وما أشبههن، لعلم المخاطبين بما خاطبهم به بمراده عز وجل فيما سكت عنه، وهكذا كلام العرب: تخاطب بالشيء حتى إذا علمت فهم المخاطبين بما أريد منهم، أمسكوا عن بقيته، لأنهم قد علموا عنه.
والقرآن قد جاء بهذا، قال الله: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى}، ثم قال: {بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا} الرعد:٣١
فلم يخبر بغير ذلك مما قد اختلف أهل العلم باللغة في مراده عز وجل بذلك، فقال بعضهم: هو: لكان هذا القرآن، وقال بعضهم: هو: لكفروا به، والله أعلم بمراده في ذلك.
(١) الحسن هو: أبو محمد الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي، وهو تابعي في الطبقة الثالثة من أهل المدينة، وثقه العجلي
وغيره، وكانت وفاته سنة (٩٥ هـ) (تهذيب الكمال -٢/ ١٦٥).