وينبغي على قول مالك رضي الله عنه: أن لا يجوز أكل ذبيحة اليهودي من الإبل، ومن كل ذي ظفر: لأن الله تعالى قال: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} الأنعام:١٤٦ وكان لحم الجمل محرماً عليهم.
ويلزمه أن لا يأكل ما اصطاده من السمك يوم السبت.
(مختصر اختلاف العلماء -٣/ ٢١٠ - ٢١١)
الدراسة
بين الإمام الطحاوي أن المراد (بالطعام) في الآية هو: الذبائح. كما بين - رحمه الله تعالى - الخلاف في حكم أكل شحوم ذبائح أهل الكتاب، مرجحاً جواز ذلك، لأن الآية دالة على جواز سائر ذبائح أهل الكتاب بدون استثناء لأي جزء من أجزائها.
وإليك أولاً: بيان المراد (بالطعام) في قوله جل وعلا: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ}:
- القول الأول: أن المراد بالآية هو: جميع المطعومات.
- وحجة هذا القول: أن قوله: (وطعام) لفظ عام مطلق، فوجب حمل الآية على القول بالعموم. (١)
- القول الثاني: أن المراد بالآية هو: الخبز والفاكهة وما لا يحتاج فيه إلى ذكاة.
- وهذا القول: منقول عن بعض أئمة الزيدية. (٢)
- القول الثالث: أن المراد بالآية هو: ذبائح أهل الكتاب.
- وهذا قول: جمهور المفسرين. (٣)
- وحجة هذا القول: أن سائر طعام أهل الكتاب من الخبز والأدهان وما تدخله صناعتهم، ولا يحتاج فيه إلى ذكاة، مباح أكله، ولا يختلف حكمه بمن يتولى صنعه من مسلم أو كافر. كما أن الطعام الذي يحتاج فيه إلى ذكاة وهو غير مذكى محرم أكله، ولا يختلف حكمه بناء على من تولى إماتته من مسلم أو كافر. وعليه فلم يبقى لنا إلا حمل الآية على الذبائح المذكاة والتي يختلف حكمها باختلاف الأديان. (٤)
(١) أحكام القرآن لابن العربي (٢/ ٤١).
(٢) تفسير الرازي (١١/ ١٤٦).
(٣) تفسير الطبري (٤/ ٤٤٢).
(٤) انظر: أحكام القرآن للجصاص (٢/ ٤٥٦) - وبدائع الصنائع (٤/ ١٦٥).