وهذا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمة الله عليهم أجمعين، وقد روي ذلك عن ابن مسعود، وعطاء، وعمرو بن شعيب والحمد لله رب العالمين.
(شرح معاني الآثار -٣/ ١٦٧)
الدراسة
بين الإمام الطحاوي أن المراد بقوله جل وعلا: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} هو: السارق الذي يسرق ما قيمته عشرة دراهم فما فوق ذلك، والدليل هو: ثبوت الإجماع على ذلك.
وإليك بيان الأقوال في المراد بالسارق الذي يجب قطع يده:
القول الأول: أن المراد بالسارق هو: الذي يسرق ما قيمته ربع دينار، أو ثلاثة دراهم، فما فوق ذلك.
- وهذا القول: قد روي عن أبي بكر - وعمر - وعثمان - وعلي - وعائشة - رضي الله عنهم، وإليه ذهب: الجمهور: مالك - والشافعي - وأحمد.
إلا أن الإمام مالك يرى أن الفضة تقدر بالدرهم، والذهب يقدر بالدينار وأما غيرهما فيقدر بالدرهم.
وأما الإمام أحمد فيرى أن الفضة تقدر بالدرهم، والذهب يقدر بالدينار، وأما غيرهما فيقدر بالدرهم أو الدينار.
وأما الإمام الشافعي فيرى أن كل الأشياء تقدر بالدينار. (١) وهو الصحيح لأن الدينار كان أصل النقد في ذلك الزمان. (٢)
ومن أدلة هذا القول:
١ - ما رواه ابن عمر رضي الله عنه: " أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قطع في مَجنِّ قيمته ثلاثة دراهم " (٣)
قال ابن عبد البر: هذا أصح حديث يروى في هذا الباب، لا يختلف أهل العلم في ذلك. (٤)
(١) انظر: الاستذكار لابن عبد البر (٢٤/ ١٥٥) ومعالم السنن (٣/ ٣٠٢) وتفسير ابن الجوزي (٢/ ٢٧٣).
(٢) شرح السنة للبغوي (١٠/ ٣١٤).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الحدود - باب قول الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} (ح ٦٤١١ - ٦/ ٢٤٩٣).
ومسلم في صحيحه - كتاب الحدود - باب حد السرقة (ح ٤٣٨٢ - ١١/ ١٨٤).
(والمجن) هو: الترس، سمي بذلك لأنه يستر حامله. (النهاية في غريب الحديث-١/ ٣٠٨).
(٤) الاستذكار لابن عبد البر (٢٤/ ١٥٥).