وقد رد هذا الاستدلال: بأن ظاهر الآية مجمل فسقط الاحتجاج بعمومه (١)، ووجب الأخذ بما يبينه من السنة، وهو قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: " القطع في ربع دينار فصاعداً " (٢).
٢ - ما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه، عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " لعن الله السارق، يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده " (٣) قالوا: فقد دل هذا الحديث على أن يد السارق تقطع في كل ماله قيمة قل أو كثر، لأن قيمة البيضة والحبل في العادة، أقل من عشرة دراهم.
وقد رد هذا الاستدلال بالأمور التالية:
١ - أن المراد بالبيضة بيضة الحديد، وأما بيضة الدجاج، فلا خلاف بين الفقهاء أنه لا قطع فيها. وأما الحبل فلا يلزم أن تكون قيمته أقل من عشرة دراهم، بل قد يكون يساوي العشرة أو أكثر من ذلك. (٤)
٢ - أن هذا الحديث خرج مخرج التحذير بالقليل عن الكثير، لأن من ظفر بسرقة القليل سرق الكثير فتقطع يده. (٥)
٣ - أن هذا الحكم، وهو قطع اليد في الشيء القليل، كان في الابتداء، ثم نسخ (٦) بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -:" القطع في ربع دينار فصاعداً " (٧)
القول الرابع: أن المراد بالسارق هو: الذي يسرق ما قيمته خمسة دراهم، فما فوق ذلك.
- وهذا قول: عمر رضي الله عنه - وسليمان بن يسار - وابن أبي ليلى - وابن شبرمة.
القول الخامس: أن المراد بالسارق هو: الذي يسرق ما قيمته أربعة دراهم، فما فوق ذلك.
(١) أحكام القرآن للجصاص (٢/ ٥٨٥).
(٢) تقدم تخريجه (٤٣٥).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الحدود - باب لعن السارق إذا لم يُسمَّ (ح ٦٤٠١ - ٦/ ٢٤٨٩).
ومسلم في صحيحه - كتاب الحدود - باب: حد السرقة ونصابها - (ح ٤٣٨٤ - ١١/ ١٨٦).
(٤) أحكام القرآن للجصاص (٢/ ٥٨٦).
(٥) أحكام القرآن لابن العربي (٢/ ١٠٨).
(٦) شرح السنة للبغوي (١٠/ ٣١٦).
(٧) تقدم تخريجه (٤٣٥).