وعلى هذا القول: فإنه لا يجوز أخذ العضو الأيمن بالعضو الأيسر، كما لا يجوز أخذ السن بالسن الذي يليه، ولا أخذ الإصبع بالإصبع الذي يليه.
- وهذا قول: الجمهور.
الترجيح: والراجح هو القول باشتراط المماثلة في المكان عند القصاص فيما دون النفس. لأن الله جل وعلا يقول: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} المائدة:٤٥
فأوجب الله جل ذكره المماثلة الكاملة بين عضو الجاني وعضو المجني عليه عند استيفاء القصاص، فغير جائز تعدي العضو المماثل إلى غيره، سواء كان مثله موجوداً أو معدوماً. (١)
وبهذا يتبين صحة ما قاله الإمام الطحاوي في المراد بالآية. والله تعالى أعلم.
قوله تعالى: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (٦٠)} المائدة:٦٠
قال أبو جعفر الطحاوي: عن ابن مسعود، قال: سألنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن القردة والخنازير أهُنَّ من نسل اليهود؟ فقال: " إن الله عز وجل لم يعلن قوماً قط فمسخهم، فكان لهم نسل، ولكن هذا خلق كان، فلما غضب الله على اليهود مسخهم، فجعلهم مثله ". (٢)
(١) انظر: أحكام القرآن للجصاص (٢/ ٦١٨) والمغني لابن قدامة (١١/ ٥٥٧) والاستذكار لابن عبد البر (٢٥/ ٢٦٤).
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب القدر - باب بيان أن الآجال والأرزاق وغيرها لا تزيد ولا تنقص عما سبق به القدر -
(حـ ٦٧١٢ - ١٦/ ٤٢٩) والطبراني في المعجم الكبير (حـ ١٠١١٠ - ١٠/ ١٠٦).