بين الإمام الطحاوي الأقوال في حكم تقديم الكفارة قبل الحنث في اليمين، مختاراً القول بعدم جواز ذلك، لأن الله جل وعلا يقول: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} المائدة:٨٩ والمراد هو: ذلك كفارة أيمانكم إذا حنثتم، فدلت الآية على أن وجوب الكفارة مترتب على الحنث دون الحلف.
وإليك بيان الأقوال في المسألة، وذكر القول الراجح منها:-
- القول الأول: أنه لا يجوز تقديم الكفارة قبل الحنث في اليمين.
- وهذا قول: ابن عباس - وسعيد بن جبير - والضحاك - وإبراهيم. وإليه ذهب: أبو حنيفة. (١)
ومن أدلة هذا القول:
١ - أن معنى قول الله جل وعلا: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ} المائدة:٨٩ أي: فكفارته إذا حنثتم. كما أن معنى قول الله جل وعلا: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} المائدة:٨٩ أي: ذلك كفارة أيمانكم إذا حنثتم.
فسبب الكفارة على هذا القول: هو الحنث في اليمين. (٢)
ومثل هذه الآية في إضمار مقدر:
قوله جلا وعلا: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} البقرة:١٨٥ والمعنى: فأفطر فعدة من أيام أخر.
وقوله جلا وعلا: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} البقرة:١٩٦ والمعنى: فحلق ففدية من صيام. (٣)
(١) انظر: تفسير الماوردي (٢/ ٦٠) - وأحكام القرآن لابن العربي (٢/ ١٥٦).
(٢) أحكام القرآن للكياالهراسي (٣/ ٩٥).
(٣) أحكام القرآن للجصاص (٢/ ٦٤٠).