ثم نقول نحن محتجين لمذهبه في ذلك: إنا قد وجدنا الله عز وجل قد قال في كتابه:: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} المائدة:٩٦، فكان ظاهر هذه الآية على دخول صيد البر كله، وعلى أنها قد عمته كله بالتحريم في حال الإحرام، ولا يجوز أن يخرج مما قد عمه الله عز وجل بمثل هذا شيء إلا بما يجب إخراجه به منه من آية مسطورة، أو من سنة مأثورة، أو من إجماع من الأمة أن الله عز وجل لم يرد بما قد عمه ذلك الشيء، وإنما أراد ما سواه، وإذا عدمنا ذلك لم نخرج مما حرمه الله عز وجل بتلك الآية إلا ما قد أجمع على خروجه منه، وهي الخمس التي في الحديث الذي احتج به ابن أبي عمران لا ما سواه. والله نسأله التوفيق.
(شرح مشكل الآثار-٩/ ١١٠ - ١١٧)
الدراسة
بين الإمام الطحاوي أن المراد بالصيد المحرم صيده على المحرم هو جميع أنواع الحيوانات المأكول منها وغير المأكول.
فالآية عند الإمام الطحاوي عامة في كل حيوانات البر إلا ما استثناه قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: " خمس من الدواب يقتلن في الحل والحرم: الغراب - والحدأة - والعقرب - والفأرة - والكلب العقور".
وإليك بيان أقوال العلماء في المراد بصيد البر المحرم على المحرم صيده:-
القول الأول: أن المراد بالصيد المحرم هو: الحيوان الوحشي الذي يحل أكل لحمه.
- وهذا قول: الإمام الشافعي وأصحابه. (١)
- وحجة هذا القول: قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: " خمس من الدواب كلهن فاسق تقتل في الحرم: الغراب - والحِدأة - والكلب العقور - والعقرب - والفأرة " (٢).
(١) تفسير الرازي (١٢/ ٨٧).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الإحصار وجزاء الصيد - باب ما يقتل المحرم من الدواب - (حـ ١٧٣١ - ٢/ ٦٤٩).
ومسلم في صحيحه - كتاب الحج - باب ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب في الحل والحرم - (ح ٢٨٥٣ - ٨/ ٣٥١).