كما عن زيد بن أسلم في هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} المائدة:١٠٦ الآية، قال: ذلك كان في رجل توفي، وليس عنده أحد من أهل الإسلام، وذلك في أول الإسلام والأرض حرب، والناس كفار، إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه بالمدينة، وكان الناس يتوارثون بالوصية، ثم نُسخت الوصية، وفُرضت الفرائض، وعمل بها المسلمون.
قال أبو جعفر: وليس في هذا إلى الآن ما يوجب نسخ هذه الآية. والله الموفق للصواب.
(شرح مشكل الآثار -١١/ ٤٥٧ - ٤٧١)
(وانظر: مختصر اختلاف العلماء-٣/ ٣٣٩ - ٣٤٠)
الدراسة
بين الإمام الطحاوي أن قول الله جل وعلا: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ} المائدة:١٠٦ أية محكمة، وهي دالة على جواز شهادة الكافر على وصية المسلم الذي قربت وفاته في حال السفر، إذا لم يكن هناك أحد من المسلمين.
كما رد على من ادعى النسخ للآية، مبيناً أن المراد بقوله جل وعلا: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} المائدة:١٠٦ أي: من غير أهل الإسلام.
وأن المراد بقوله جل وعلا: {مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ} المائدة:١٠٦ أي: من بعد صلاة العصر.
وإليك أولاً: بيان الأقوال في المراد بقول الله جل وعلا: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} المائدة:١٠٦:
القول الأول: أن المراد بقوله جل وعلا: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} المائدة:١٠٦
أي: أو آخران من غير قبيلتكم، فيكونا مسلمين.
- وهذا قول: الحسن - وعكرمة - والزهري - وعَبيدة السلماني. وإليه ذهب: جمهور الفقهاء. (١)
(١) انظر: تفسير الطبري (٥/ ١٠٦) - وتفسير الرازي (١٢/ ١١٥).