قال أبو جعفر: وقد كان أصحاب رسول الله j قد اختلفوا في المحصنات المرادات بما ذكر في هذه الآية من هن؟
فروي .. عن علي وابن مسعود رضي الله عنهما في قوله عز وجل: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} النساء:٢٤. قال علي: المشركات إذا سبين حللن به.
وقال ابن مسعود: المشركات والمسلمات.
قال أبو جعفر: فكان تأويل هذه الآية عند علي رضي الله عنه على المحصنات المسبيات المملوكات بالسباء.
وكان عند ابن مسعود على اللاتي طرأت عليهن الإملاك من الإماء بالسباء وبما سواه، ومن أجل ذلك كان يقول: بيع الأمة طلاقها، وقد تابعه على ذلك غير واحدٍ من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وقد خالفهما عبد الله بن عباس فيما تأولا هذه الآية عليه، فتأولها على خلافه.
فعن عكرمة عن ابن عباس في قوله عز وجل {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} النساء:٢٤، قال: لا يحل لمسلم أن يتزوج فوق أربعة، فإن فعل، فهي عليه مثل أمه وأخته.
فكانت المحصنات عند ابن عباس المرادات في هذه الآية هن الأربع اللاتي يحللن للرجل دون من سواهن، غير أنه قد روى عنه في تأوليلها ما يخالف ذلك من وجه دون هذا الوجه.
فعن عطية بن سعد عن ابن عباس: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} النساء:٢٤ قال: هن ذوات الأزواج.
قال أبو جعفر: فاحتمل أن يكون بهذا القول موافقاً لعلي أو موافقاً لابن مسعود رضي الله عنهما. وفي حديث أبي سعيد الذي رويناه في هذا الباب في إخباره بالسبب الذي نزلت فيه هذه الآية ما قد حقق في تأويلها ما تأولها علي عليه.
(شرح مشكل الآثار -١٠/ ٧٠ - ٧٦)