ألا ترى أن لحم الخنزير الوحشي كلحم الخنزير الأهلي، فكان النظر على ذلك أيضاً، إذا كان الحمار الوحشي لحمه أن يكون حلالاً، أن يكون كذلك الحمار الأهلي.
ولكن ما جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولى ما اتبع، وهذا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمة الله عليهم أجمعين.
(شرح معاني الآثار -٤/ ٢٠٤ - ٢١٠)
الدراسة
بين الإمام الطحاوي أن ابن عباس - رضي الله عنه - احتج بهذه الآية: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} الأنعام:١٤٥ على إباحة لحوم الحمر الأهلية. وأن الصحيح خلاف قوله، بدلالة ما ثبت عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - من تحريمها، فيكون حكمها مستثى من الآية.
وإليك بيان أقوال المفسرين في عموم الحكم الوارد في الآية، وهل هو دال على تحليل الحمر - الأهلية؟:
- القول الأول: أن الآية عامة فيما حرم الله جل وعلا، فما لم يذكر تحريمه فيها فهو حلال.
وعليه فالآية دالة على حل الحمر الأهلية.
- وهذا قول: ابن عباس - وابن عمر - وعائشة - ومالك - في رواية عنهم (١) - والشعبي - وابن جبير. (٢)
- ومن أدلة هذا القول: أن ظاهر قوله جل وعلا: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} الأنعام:١٤٥ يقتضي أن كل ما عدا المذكور المحصور فيها حلال وليس بحرام، ومن ذلك الحمر الأهلية. (٣)
وقد رد هذا الاستدلال بما يلي:
١ - أن هذه الآية مكية، وخبر تحريم الحمر الأهلية رواه متأخروا الصحابة كأبي هريرة وابن عباس وأبي ثعلبة - رضي الله عنهم - وكلهم لم يصحبوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلا بالمدينة، فوجب العمل بالمتأخر دون المتقدم. (٤)
(١) تفسير القرطبي (٧/ ١١٥).
(٢) تفسير أبي حيان (٤/ ٦٧٤).
(٣) تيسير البيان لأحكام القرآن (٢/ ٨٨٦).
(٤) الاستذكار (١٥/ ٣١٧).