وإنما دل على حكمها السنة النبوية، حيث جاءت بالنهي عن أكلها وتحريمها، فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكل لحوم الحمر الإنسية، وعن متعة النساء يوم خيبر". (١)
وقد روى هذا التحريم عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - عدد كبير من الصحابة ومنهم:
ابن عباس - وابن عمر - وجابر بن عبد الله - والبراء بن عازب - وأبو هريرة - وأبو ثعلبة الخشني - وسلمة بن الأكوع - وعبد الله بن أبي أوفى، وغيرهم. (٢)
فوجب الأخذ بهذا الحديث والعمل به، لأن الله جل وعلا قال: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} الحشر:٧.
- وهذا قول: جمهور أهل العلم. (٣)
الترجيح: والراجح هو القول الثاني الدال على أن تحريم أكل الحمر الأهلية مستثنى من حكم الآية.
وأما القول بتحليلها فقول ساقط، ومذهب في غاية الضعف لاستلزامه إهمال غير هذه الآية مما نزل بعدها، وإهمال ما صح عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - مما هو مضموم إلى حكم ما جاء في هذه الآية. (٤)
وعليه فالاستدلال بهذه الآية إنما يصح في الأشياء التي لم يرد نص بتحريمها. وأما الحمر الأهلية فقد تواترت النصوص على تحريمها، والتنصيص على التحريم مقدم على عموم التحليل. (٥)
وبهذا يتبين صحة ما قاله الإمام الطحاوي في المراد بالآية. والله تعالى أعلم.
(١) تقدم تخريجه (٥٠٥).
(٢) أحكام القرآن للجصاص (٣/ ٢٧).
(٣) تفسير القرطبي (٧/ ١١٥).
(٤) تفسير الشوكاني (٢/ ١٧٧).
(٥) فتح الباري لابن حجر (٩/ ٥٧٢).