وإنما يقال: إن كلمة (فوق) بمعنى (على) والمعنى: فاضربوا على الأعناق، فـ (فوق) و (على) معناهما متقارب، فجاز أن يوضع أحدهما مكان الآخر. (١) كما تقول: (ضربته على رأسه) و (ضربته فوق رأسه). (٢)
- القول الثاني: أن معنى قوله جل وعلا: {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ} الأنفال:١٢
أي: فاضربوا أعالي الأعناق، حيث المفصل بين الرأس والعنق، لأنه مذبح، والضرب فيها يطير الرأس، فكان إيقاع الضرب فيه أبلغ، وأسرع إلى القطع. (٣)
- القول الثالث: أن معنى قوله جل وعلا: {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ} الأنفال:١٢
أي: فاضربوا الرؤوس. وذلك لأن الذي (فوق الأعناق) هو الرؤوس.
- وهذا قول: عكرمة.
الترجيح: والقول الراجح هو أن قوله جل وعلا: {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ} الأنفال:١٢ محتمل لجميع الوجوه المتقدمة، وإذا كان الأمر كذلك لم يصح لأحد توجيه الآية إلى بعض هذه المعاني دون بعض إلا بحجة يجب التسليم لها، ولا حجة على ذلك. (٤)
وبهذا يتبين أن ما قاله الإمام الطحاوي هو خلاف القول الأولى في المراد بالآية.
والله تعالى أعلم.
قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (١٥) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٦)} الأنفال:١٥ - ١٦.
(١) تفسير الطبري (٦/ ١٩٧).
(٢) مجاز القرآن لأبي عبيدة (١/ ٢٤٢).
(٣) انظر: تفسير ابن جزي (١/ ٣٤٠) - وتفسير الشوكاني (٢/ ٣٠٩).
(٤) تفسير الطبري (٦/ ١٩٧).