وفي هذا الحديث مما يجب أن يوقف عليه مما يلحق بالكبائر، وهو أن بعض الناس قد ذهب إلى أن قوله تعالى: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} الأنفال:١٦ إنما ذلك في أهل بدر خاصة دون من سواهم، لأنه لم يكن للمسلمين فئة يومئذ إلا وهي حاضرة ببدر.
كما عن أبي سعيد قال: نزلت يوم بدر: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} الأنفال:١٦. (١)
وكما عن أبي سعيد: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} الأنفال: ١٦ قال: نزلت في أهل بدر. (٢)
وليس فيما روينا عن أبي سعيد أن هذه الآية نزلت يوم بدر أو في أهل بدر على أن يكون الحكم الذي فيها في غير أهل بدر، كهو في أهل بدر، وعلى أنه بعد بدر كهو يوم كان في بدر، والدليل على ذلك أن دخول ابن عمر في المقاتلة بإدخال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إياه فيهم إنما كان عام الخندق، وبعد ردَّه إياه قبل ذلك وتركه إدخاله فيهم، وهذا بعد بدر.
فدل ذلك أن حكم الفرار من الزحف بغير تحرف إلى قتال أو تحيز إلى فئة باق حكمه إلى يوم القيامة، وداخل في الكبائر، والله نسأله التوفيق.
(شرح مشكل الآثار -٢/ ٣٥٧ - ٣٦٠)
الدراسة
بين الإمام الطحاوي أن الحكم الوارد في الآية - وهو تحريم الفرار من الزحف - غير خاص بيوم بدر، وإنما هو حكم عام باق إلى يوم القيامة. وإليك بيان أقوال المفسرين في ذلك:
- القول الأول: أن الحكم الوارد في هذه الآية عام في جميع المؤمنين إلى يوم القيامة.
(١) أخرجه أبو داود في سننه - كتاب الجهاد - باب: في التولي يوم الزحف (حـ ٢٦٤٨ - ٣/ ١٠٧).
والطبري في تفسيره - سورة التوبة - الآية (١٥) (حـ ١٥٨١٢ - ٦/ ٢٠٠).
(٢) أخرجه الحاكم في المستدرك - كتاب: التفسير - باب: تفسير سورة الأنفال (حـ ٣٢٦٢ - ٢/ ٣٥٧) وقال: هذا حديث صحيح. أهـ.
والطبري في تفسيره - سورة التوبة - الآية (١٥) (حـ ١٥٨١٥ - ٦/ ٢٠٠).