فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: (قال أبو جهل: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم) فنزلت: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (٣٣) وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٣٤)} الأنفال:٣٣ - ٣٤. (١)
كما أن المراد بالاستغفار في الآية هو حقيقة الاستغفار، بدلالة ما رواه أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه - عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "أنزل الله على أمانين لأمتي: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} الأنفال:٣٣. إذا مضيت تركت فيهم الاستغفار إلى يوم القيامة". (٢)
فقد دل هذا الحديث على أن المراد بالاستغفار في الآية هو حقيقة الاستغفار الذي هو: طلب ترك المجازاة على الذنوب المتقدمة.
(١) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب: التفسير - باب: {وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٣٢)} الأنفال:٣٢ (حـ ٤٣٧١ - ٤/ ١٧٠٤). ومسلم في صحيحه - كتاب: صفات المنافقين -
باب: في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} الأنفال:٣٣ الآية. (حـ ٦٩٩٥ - ١٧/ ١٣٧).
(٢) أخرجه الترمذي في سننه - كتاب: تفسير القرآن - باب: ومن سورة الأنفال (حـ ٣٠٩١ - ١١/ ٢١٢) وقال: هذا حديث غريب، وفي إسناده
إسماعيل بن مهاجر، وهو يضعف في الحديث. أهـ.